وعرفنا من عبارة المؤلف أنهم لو أقاموا الجمعة خارج البنيان بعيداً لم تصح. وهذا صحيح. لأن الذي جاء في السنة إقامة العيد قريباً من البنيان فإن أقاموها بعيداً عن البنيان لم تصح.
إذاً عرفنا الآن جواز إقامة الجمعة قريباً من البنيان. وعلى القول بالجواز فإذا أقام الإمام الجمعة خارج البنيان وكان في البلد كبار أو زمنا أو من لا يستطيع أن يخرج لأي سبب فإنه يجب عليه وجوباً أن ينيب عنه من يصلي الجمعة بهؤلاء الذين لم يستطيعوا الخروج.
ثم رجع المؤلف إلى الكلام عن شرط العدد:
• فقال رحمه الله:
فإن نقصوا قبل إتمامها: استأنفوا ظهراً.
ولو أنه جعل هذه العبارة بعد الشرط الثاني مباشرة لكان أنسب ولكنه هكذا صنع.
• قال رحمه الله: فإن نقصوا قبل إتمامها: استأنفوا ظهراً.
معنى هذه العبارة: أنه يشترط وجود العدد في جميع الصلاة فإن تخلف العدد في جزء من أجزاء الصلاة بطلت واستأنفوها ظهراً عند الحنابلة.
واستدلوا على هذا:
- بأن شرط الشيء يجب أن يوجد فيه جميعاً - كما نقول بالطهارة بالنسبة للصلاة وستر العورة ... إلخ من شروط الصلاة.
فإن نقص العدد استأنفوها ظهراً: يعني ولا يجوز أن يتموها ظهراً.
فإذا خرج بعض الناس وبخروجه نقص العدد والإمام يصلي وعلم بخروجهم فالواجب عليه أن يترك هذه الصلاة وأن يستأنف الصلاة ظهراً.
فإن أتم الجمعة ظهراً لم تصح.
انتهى الآن تقرير مذهب الحنابلة.
= القول الثاني: أنه يجوز أن يتموها جمعة مطلقاً وإن نقص العدد في أثنائها.
= القول الثالث: أنه إذا نقص العدد أتموها ظهراً ولا يحتاج أن يستأنفوها.
ولا نريد أن نذكر الأدلة بالنسبة للقول الثاني والثالث لأنهما مرجوحين.
= القول الرابع: أنه إن نقص العدد قبل أن يأتوا بركعة استأنفوها ظهراًَ وإن نقص العدد بعد أن أتوا بركعة صلوها جمعة.
- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أدرك الصلاة فهو حينئذ أدرك الجمعة.
وهذا القول هو الصواب. أنه يفرق بين أن ينقص العدد قبل ركعة أو بعد ركعة.
وتقدم معنا في كتاب الصلاة أن مقصود الفقهاء إذا قالوا أدرك ركعة أو لم يدرك ركعة أي ركعة كاملة بسجدتيها.