إذاً بالنسبة للماشي يحتاج أن يستقبل القبلة إذا أراد أن يكبر ثم بعد ذلك يمضي إلى وجهته ولا يحتاج في الركوع والسجود أن يتوجه إلى القبلة.

أما الحنابلة - فكما سمعتم - فيلزمه عندهم: الافتتاح والركوع والسجود.

• ثم قال - رحمه الله -:

وفرض من قرب من القبلة إصابة عينها.

عندنا: - مباحث تتعلق بمن قرب من القبلة.

- ومباحث تتعلق بمن بعد من القبلة.

وإذا عرفت من قرب فستعرف من بَعُد. لأن من بعد هو الذي لم يقرب.

فمن هو المقصود بمن قرب؟

يقصد به من عاين الكعبة.

ويقصد به من عاش في مكة زمناً طويلاً.

ويقصد به من كان في مكة ووجد ثقة يخبره عن يقين عن اتجاه القبلة.

كم هؤلاء؟

ثلاثة:

1 - المعاين للقبلة.

2 - ومن عاش في مكة زمناً طويلاً.

3 - والغريب إذا قدم مكة ولكنه وجد ثقة يخبره عن يقين.

فهؤلاء يعتبرون قريبين من القبلة.

- ما هو فرضهم؟

• يقول المؤلف - رحمه الله -:

فرضهم إصابة عينها.

هؤلاء يجب عليهم أن يصيبوا عين الكعبة لا جهة الكعبة.

= ووجوب إصابة عين الكعبة للمعاين محل إجماع بلا خلاف.

- لأن هذا هو الواجب وهو قادر عليه.

فإن صلى منحرفاً عن عين الكعبة ولو قليلاً فإن صلاته باطلة.

• ثم قال - رحمه الله -:

ومن بعد: جهتها.

من بعد عن القبلة فرضه جهة الكعبة لا عين الكعبة.

ولا نحتاج أن نبين من هو الذي يبعد لأنه المقابل لمن يقرب.

من بعد ففرضه إصابة الجهة:

= هذا هو مذهب الحنابلة.

واستدلوا على هذا بأدلة:

- منها قوله تعالى - في الآية السابقة - {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة/144].

وجه الاستدلال: أن المسجد الحرام في الآية هو كل الحرم. فالبعيد مأمور بالاتجاه إلى الحرم لا إلى عين الكعبة. يعني إلى حدود الأميال لا إلى عين الكعبة. هذا الدليل الأول.

- الدليل الثاني: ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما بين المشرق والمغرب قبلة).

قال الإمام أحمد: ضعيف. ولكنه صح عن عمر.

والظاهر والله أعلم أنه ليس مما يقال من قبل الرأي.

- الدليل الثالث: أن هذا محل إجماع بين الصحابة.

= والقول الثاني: وجوب إصابة عين الكعبة حتى لمن بعد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015