وسيذكر المؤلف - رحمه الله - هذه المسألة ونذكر ما يتعلق بها من أحكام لكن الذي يعنينا الآن أن الحنابلة يقصدون بالأصل هو هذا كل ما ينتفع به مع بقاء أصله.

قال - رحمه الله -:

وتسبيل المنفعة.

يقصد بتسبيل المنفعة أي: صرفها في مستحقيه، إذاً هذا هو مفهوم الوقف في الإسلام. (تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة).

قال - رحمه الله -:

ويصح بالقول.

الوقف يصح بصيغتين:

ـ القول. ... ـ والفعل.

بدأ - رحمه الله - بالقول: والسبب في ذلك: أن القول صحة الوقف فيه محل إجماع، يعني: إذا قلنا محل إجماع يعني: من القائلين بمشروعية الوقف وهم جماهير أهل العلم.

واستدلوا على هذا:

- بأن الوقف عقد من العقود يصح باللفظ أو بالقول.

وقوله: (يصح) يعني من جائز التصر، الوقف لا يصح ممن لا يجوز أن يتصرف إما لصغر أو جنون أو سفه أو حجر أو لأي سبب.

قال - رحمه الله -:

بالقول وبالفعل الدال عليه.

ـ القول له ستة ألفاظ: ثلاثة صريحة وثلاثة كناية وسينص المؤلف عليها.

ـ قال: (وبالفعل الدال عليه) يعني: أن الوقف يصح بالفعل الدال على إرادة الوقف وهذا هو مذهب الحنابلة. وهو تصحيح الوقف بالفعل بلا قول.

واستدلوا على هذا بأدلة:

- الدليل الأول: أن الوقف بالفعل مع ما يدل عليه هو في قوة القول في الدلالة على إرادة الوقف.

- الثاني: أن العرف دل على تصحيح الوقف وإرادته بالفعل دون القول.

- الثالث: أن العبرة بالمقاصد لا بالألفاظ فإذا علمنا من دلائل الأحوال والقرائن أنه أراد الوقف عملنا به.

قوله - رحمه الله -: (وبالفعل الدال عليه) يعني: وينبني على هذا إذا صححنا الوقف بالفعل أنه إذا وقف بالفعل فإنه لا يجوز له أن يرجع وخرجت العين عن ملكه، فهذه هي الثمرة من تصحيح الوقف بالفعل.

إذاً: يجب أن تعلم أنه إذا صححت الوقف بالفعل ثم وقفه بالفعل كما سيأتينا فإنه خرجت العين وليس له أن يرجع.

ثم ذكر - رحمه الله - أمثلة على الوقف بالفعل:

قال - رحمه الله -:

كمن جعل أرضه مسجداً وأذن للناس في الصلاة فيه.

إذا جعل أرضه مسجداً وأذن للناس أن يصلوا في هذا المسجد فقد خرجت الأرض عن ملكه وأصبحت وقفاً لله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015