سبب الترجيح: إذا تأملت سياق حديث جابر - رضي الله عنه - وحديث أسامة والأحاديث التي وصفت نسك النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث أنس في مسلم تكاد تجزم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى ثم ذهب إلى المنحر فنحر ثم ذهب إلى مكانه وأمر الحلاق أن يحلق الشق الأيمن ثم الأيسر ثم اغتسل وتطيب وذهب إلى الحرم.

يكاد الإنسان يجزم بهذا الترتيب. لماذا؟ لأنا لو فرضنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحلل بعد الرمي والذبح فسيكون تحلل وتطيب ثم حلق فلا يوجد ترتيب آخر، لو فرضنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحلل بمجرد الرمي بعد أن رمى ونحر سيكون تبعاً لذلك - صلى الله عليه وسلم - حلق بعد أن تطيب وهذا بعيد جداً لأن المقصود من التطيب النظافة ويبعد أن يؤجل النبي - صلى الله عليه وسلم - التنظف والتطيب والتهيؤ للطواف ويبعد أن يقدمه قبل الحلق لأن الحلق يقتضي الشعث وعدم النظافة بلا إشكال، فيبعد جداً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم التحلل على الحلق، وإذا تأمل الإنسان الأحاديث ظهر هذا له جلياً، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تحلل بعد الحلق فهذا هو المقصود، إذاً دلت السنة بالتأمل أنه - صلى الله عليه وسلم - رمى ثم نحر ثم حلق ثم تحلل وطيبته عائشة - رضي الله عنها - وذهب إلى الطواف، فمن الخطأ البين أن يكتفي الإنسان بالرمي ويعجز عن الحلق ويتحلل ويذهب ويلبس المخيط بعد ذلك.

وهي مسألة خلافية لكن الراجح هو مذهب الجمهور وأنا أرى أن من فعل ذلك فقد ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام وهو لبس المخيط قبل أن يتحلل هذا إذا قلنا أنه يشترط للتحلل أن يفعل اثنين من ثلاثة.

* * مسألة / يقولون: يفعل اثنين من ثلاثة والأحاديث والنصوص ليس فيها إلا الرمي والحلق لكن أدخلوا الطواف مع هذه الثلاثة. وعللوا ذلك بأنه إذا كان للطواف تأثير في التحلل الكبير الثاني فلأن يؤثر في التحلل الأول من باب أولى.

- فإذا رمى وطاف حل التحلل الأول.

- وإذا حلق وطاف حل التحلل الأول.

بفعل اثنين من ثلاثة.

والتحلل الأخير يحصل بفعل الثالث منهما كما سيأتي منصوصاً عليه في كلام المؤلف - رحمه الله -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015