وفمن ذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى قوم لا يشهدو الصلاة – في مسند أحمد: لا يشهدون الصلاة في الجميع، وفي أبي داود: يصلون في بيوتهم - فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً " أي عظماً ذا لحم " أو مرماتين حسنتين " المرماة: هي اللحم بين أظلاف الشاة أي أظافرها " لشهد العشاء) .

وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أتاه رجل أعمى فقال: يا رسول الله إني لا أجد قائداً يقودني، فرخص له فلما ولى دعاه فقال: أتسمع النداء؟ قال: نعم قال: فأجب) والأمر للوجوب.

وفي أبي داود بإسناد صحيح أن ابن أم مكتوم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا رسول الله إني رجل ضرير البصر شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة في أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتسمع النداء؟ قال: نعم قال: لا أجد لك رخصة) .

وثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - - من حديث مالك بن الحويرث - قال: (ليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) فهذه الأحاديث تدل على فرضيتها على الأعيان.

واستدل من قال بسنيتها: بحديث ابن عمر المتقدم وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) .

قالوا: فهذا الحديث يدل على أن صلاة الفذ فيها ثواب وأجر وفضيلة، فلو كانت محرمة لم يثبت فيها ذلك.

وهذا استدلال ضعيف، فإن ثبوت الفضل لا ينافي ثبوت الإثم فهي صلاة فيها فضل من جهة: لكونها صلاة مؤداة، لكنه آثم من جهة أخرى لكونه قد صلاها ناقصة نقصاً يجلب له الإثم وتوقعه بالتحريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015