فإن سجود التلاوة إنما يكره تركه مطلقاً، وأما أنه يسجد أحياناً ويدع أحياناً فقد فعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فُقرأت عليه سورة النجم كما في البخاري ومسلم من حديث زيد بن ثابت، وقال عمر: (ومن لم يسجد فلا إثم عليه) .
والكراهية تحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل يدل على أنه إن قرأ السجدة فتركها فقد فعل أمراً مكروهاً.
إلا أن يكون راغباً مطلقاً عن السجود فيقرأ الآيات كلها فلا يسجد مطلقاً للتلاوة فإن ذلك رغبة عن السنة.
أما إن سجد فلا يُقال هو مكروه مطلقاً، نعم ينبغي عليه أن يترك حيث كان فيه إرباك وتشويش على المأمومين.
أما إذا لم يقع من ذلك كأن يبين لهم قبل الصلاة أو أن تكون الصفوف قليلة بحيث يبين لهم أنه قد سجد سجوداً للتلاوة أو أن يسبح فيقول: سبحان الله، فيزول عنهم التشويش فإنه لا يكره فإنه لا كراهية في ذلك. إنما يُنهى عنه حيث كان ذريعة للتشويش وعلم أو ظن ظناً غالباً أنه يحدث لهم التشويش في ذلك فإنه قد يقال بالنهي عنه.
على أن المأموم إذا وقع في مثل ذلك فإنه لا حرج عليه ولا يؤثر في صلاته ومع ذلك فإنه ينبغي أن ينهى عنه حيث ثبت له أو ظن ظناً غالباً بثبوت التشويش على المأمومين.
أما إن لم يثبت له ذلك ودرأه بما استطاع من تسبيح أو تبيين قبل الصلاة أو كانت الصفوف قليلة يظن أنه لا يحدث لهم تشويش فإنه لا كراهية في ذلك.
وقد ورد في أبي داود: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في الظهر) لكن الحديث إسناده فيه جهالة.
قال: (ويلزم المأموم متابعته في غيرها)
هنا هذه الجملة متضمنة لمسألتين:
المسألة الأولى: أنه يجب على المأموم أن يتابع الإمام في سجود التلاوة حيث سجد فيما يشرع له السجود " في الجهرية ".
فإذا سجد الإمام عند آية في صلاة جهرية فيلزم المأموم أن يتابعه فيسجد، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (وإذا سجد فاسجدوا) وهذا عام في كل سجود مشروع.