واستدلوا: بألفاظ الآيات التي هي السجدات فإن من هذه الآيات ما فيه أمر صريح كقوله تعالى: {فاسجدوا لله وعبدوا} . {فاسجد واقترب} أو فيه تأنيب لعدم السجود كقوله تعالى: {ألا يسجدوا لله} وغير ذلك من الآيات الواردة في هذا الباب.
والجواب عن هذا أن يقال: إن هذه الآيات قد دلت على وجوب السجود مطلقاً وأنه يجب على المسلم أن يسجد لله عز وجل وأن يخضع له سبحانه بالسجود المطلق، وليس المراد هذه السجدة فإنها يسجدها من يقيم الصلاة ويسجد لله عز وجل السجدات الكثيرة، فالمراد مطلق السجود ومع ذلك فقد شرع استحباباً أن يسجد عندها.
ونظير هذا ما يذهب إليه كثير من العلماء من وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويرون استحباب الصلاة عليه عند ذكره عليه الصلاة والسلام.
فالأمر في السجود ليس موجهاً إلى سجدة التلاوة المشروعية عند سماع هذه الآيات بل وموجه إلى مطلق السجود له سبحانه وإنما شرع للمسلم أن يسجد عند سماع هذه الآيات لبيان أنه خاضع لله وسامع لأمره بدليل ما تقدم من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وكونه لم يسجد عندما قرئت عليه سورة النجم مع أن لفظها صريح في الوجوب في قوله: {فاسجدوا لله واعبدوا} وكذلك قول عمر على المنبر وكان يقوله بمحضر المهاجرين والأنصار في المدينة، فلم يثبت منكر لقوله منهم.
فالراجح أن سجدة التلاوة سنة مستحبة.
(للقارئ والمستمع) فيسن للقارئ والمستمع السجود لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته) [فتح الباري لابن حجر: 2 / 647، 652] .