فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دفَّ نعليك بين يدي في الجنة فقال: ما عملت عملاً هو أرجى عندي إلا أني ما تطهرت طهوراً في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي) .
ومن ذلك صلاة الاستخارة:
لما ثبت في البخاري عن جابر قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من دون الفريضة) .
فلا يجزئ أن تكون الركعتان اللتان يصليها فريضة.
وظاهره أنه يجزئ وإن كانت نفلاً مقيداً إلا أن الأولى أن يفردها بركعتين لها.
وقد يقال – وهذا محل بحث – أن قوله: (فليركع ركعتين) إنشاء ركعتين لهذه الصلاة، بخلاف سنة الضحى أو الفجر فإنهما أصليتان سابقتان.
(ثم ليقل) ظاهره أن القول يكون بعد الصلاة.
واختار شيخ الإسلام أنه يدعو قبل أن ينصرف، لما دلت عليه السنة من ذلك من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل انصرافه وهو الأليق فإن العبد في حال مناجاة لله تعالى.
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو) وعلى ذلك يكون قوله: (ثم ليقل) أي قبيل السلام، ومعلوم أن الصلاة قبيل سلامها في حكم المنتهية، مما بقى إلا السلام منها، وهذا لا شك أنه تأويل لكن يرجحه المعنى من أن الأليق للعبد أن يدعو الله في حال مناجاته لله ولحديث: (ثم ليدع بما بدا له) .