فإن الشارع قد شرع لبعض الصلوات الجماعة كالتراويح في رمضان وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف على القول بسنيتها - ونحو ذلك – فكوننا نتخذ هذه الصلاة تطوعاً جماعة - نتخذها - سنة، يضاهي ذلك ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من مشروعية تلك جماعة، ولما كان مضاهياً للمشروع لم يشرع.
المسألة الثانية: هل الأفضل الإكثار من الركوع والسجود أم الأفضل أن يطيل القيام؟
1- المشهور في المذهب: أن المستحب له أن يكثر من الركوع والسجود وأن ذلك أفضل من إطالة القيام.
واستدلوا: بما ثبت في مسلم من حديث ربيعة الأسلمي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: (سل) فقال: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال (أو غير ذلك؟) قال: هو ذاك قال: (فأعني على نفسك بكثرة السجود) .
وفي مسلم من حديث ثوبان أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أحب العمل إلى الله وما يدخل العبد الجنة؟ فقال: (عليك بكثرة السجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعت بها درجة وحط عنك بها خطيئة) .
2- وعن الإمام أحمد، وهو اختيار بعض أصحابه كالمجد ابن تيمية. قالوا: الأفضل هو طول القيام.
لما ثبت في مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أفضل الصلاة طول القنوت) أي طول القيام. ونحن إذا نظرنا من غير ما ذكروه من الأدلة: فإنك ترى أن لكل منهما فضيلة، فالركوع والسجود لا شك أنه أفضل من ذات القيام، فإن في الركوع والسجود من التذلل لله والانكسار بين يديه ما ليس في القيام.
وإذا نظرت إلى ما في القيام من القراءة التي هي كلام الله تعالى، وجدت أنه أفضل مما في الركوع والسجود من ذكر الله تعالى، فإنه ليس فيه إلا الذكر حتى ثبتت الأدلة في النهي عن قراءة القرآن فيه، ولا شك بفضيلة القرآن على ذكر الله.