وفي هذه المسألة ستة أقوال لأهل العلم أوردها الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في فتح الباري، وأصح هذه الأقوال ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وهو قريب من مذهب مالك: أن الصلاة إن كان فيها نقص، فإن السجود يكون قبل السلام، وإن كان فيها زيادة، فإن السجود يكون بعد السلام، وهنا يوافقه الإمام مالك في هاتين الصورتين، والصورة الثالثة في الشك، فالإمام مالك عنده الشك قبل السلام، وأما شيخ الإسلام فيقول: إن كان الشك عند تحر، فبعد السلام فيوافق مذهب الإمام أحمد في هذا، وإن كان بلا تحر – يعني شك يستوي فيه الطرفان – فإنه يكون قبل السلام. إذاً الإمام مالك ليس عنده القول بالتحري، ويرى السجود قبل السلام. إذاً شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يختار، - وهو أصح الأقوال - أنه إن كانت في الصلاة زيادة، فالسجود بعد السلام؛ لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان، لأنه قد زاد، فإذا أوجبنا عليه السجود قبل السلام، كان فيه زيادتان، ولأن المقصود من هاتين السجدتين ترغيم الشيطان، فشُرع ذلك بعد السلام، ليكون إرغاماً للشيطان، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما صلى الظهر خمساً، سجد بعد السلام، ولو كان السجود قبل السلام، لنبه الصحابة، ولقال لهم: إذا صليتم فاسجدوا قبل السلام، وإنما سجدت بعده لأن هذه حال ضرورة، فلما لم ينبههم عليه الصلاة والسلام لهذا عُلم أن هذا هو المشروع، فإن كان نقصاً فإنه يكون قبل السلام، فلو ترك التشهد الأول، فالواجب عليه أن يسجد قبل السلام، لأن السجود إنما يشرع الآن لتتميم الصلاة، وتتميمها إنما يكون قبل الفراغ منها، لأن الصلاة فيها نقص، فيسجد للسهو قبل السلام ليتمم نقصها، فكان جبرانا، فكان المشروع إن كان عن نقص أن يكون قبل السلام، وأما إذا كان مع تحر، فإنه يكون بعد السلام، لأنه قد تحرى، وغلب على ظنه صحة صلاته، وأن الصلاة على هذه الصورة، فكان