والقول الثاني، وذكره صاحب المغني وجهاً في المذهب، واختاره الزركشي من الحنابلة، وهو القول الثاني في المسألة: أنه لا يسجد له. وهذا هو الراجح، وذلك لأن تعمده لا يبطل الصلاة، فلو تعمد رجل هذه الجلسة اليسيرة، فهل نبطل صلاته؟ لا نبطل صلاته، فكذلك إذا سها؛ لأن المسائل السابقة إذا فعلها تعمداً بطلت صلاته، وإذا فعلها سهواً سجد، فهنا هذه الجلسة لو أن رجلاً جلس عجزاً أو تثاقلاً، ثم قام، وهو لا يرى استحبابها، فهل تبطل صلاته؟ الجواب: لا تبطل، حتى في المذهب، فكذلك إذا زادها سهواً. إذاً الراجح أنه لو جلس بقدر هذه الجلسة اليسيرة، ما دام أنها بنحو جلسة الاستراحة، فإنها لا تؤثر.
قوله: [وإن زاد ركعة ولم يعلم حتى فرغ منها سجد]
إن زاد ركعة في الصلاة، كأن يصلي خمسا، فلم يعلم حتى فرغ منها، سجد.
رجل صلى الظهر خمسا، فلما سلّم نُبِّه، فما الواجب عليه؟
أن يسجد سجدتين، لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الظهر خمساً، فقيل له عليه الصلاة والسلام: أزيد في الصلاة؟ قال: (وما ذاك؟) قالوا: إنك صليت خمساً، فقام عليه الصلاة والسلام فسجد سجدتين بعد ما سلّم. إذاً المذهب أنه إذا صلى الظهر خمساً، ثم علم بعد الصلاة أنه قد زاد خامسة، فإنه يسجد للسهو بعد السلام، وتكون حال ضرورة، لأن الواجب عندهم أن يسجد قبل السلام، لكن هنا لم يعلم إلا بعد السلام، فتكون حال ضرورة.
وتحرير مذهب الإمام أحمد في هذه المسألة: أنه يجب سجود السهو قبل السلام إلا ما ورد به النص، وهو في ثلاثة صور.
إذاً الأصل عنده أن السجود قبل السلام، لأن السجود يتمم الصلاة، فكان قبل الصلاة، ولم يستثن إلا ثلاث صور قد وردت بها الأحاديث:
الصورة الأولى: هذه الصورة، وهي أن يزيد في الصلاة، فيعلم بعد السلام، فيسجد بعد السلام، لأنها حال ضرورة.