والأحاديث ظاهرة في وجوب سجود السهو كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين) وظاهر الأمر الوجوب وهنا ذكرها قاعدة وهي: أن ما يبطل عمده يجب السجود له لكن هذا ليس على إطلاقه، فأن الكلام يبطل الصلاة عمده ومع ذلك فالراجح أنه لا يشرع له السجود فهي قاعدة ليست مطلقة بل حيث ورد الدليل فالأصل عدم السجود ألا أن يرد دليل يدل عليه أو يرد صوره بمعنى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم السجود فيه.
قال: (وتبطل بترك سجود أفضليته قبل السلام فقط)
هنا ثلاث مسائل:
الأولى: أن من ترك السجود الذي أفضليته قبل السلام فالصلاة باطلة فإذا ترك السجود قبل السلام في شك قد استوى طرفاه وهو مستحب له السجود قبل السلام، فإذا ترك السجود فإن الصلاة تبطل، لأنه يكون تاركاً لواجباً من واجباتها وترك الواجب عمداً تبطل الصلاة.
الثانية: إذا ترك سجوداً للسهو مشروعاً بعد السلام فأن الصلاة لا تبطل به – هذا هو المشهور في المذهب – لكنه يكون آثماً لتركه واجب.
قالوا: هو يشبه – حينئذ – ما هو واجب خارج الصلاة، كالإقامة والأذان فأنها من واجبات الصلاة التي هي خارجة عنها، فالسجود بعد السلام هو واجب لكنه خارج عنها فاشبه الإقامة والأذان وقد تقدم أن من ترك الأذان والإقامة مع وجوبهم فأن الصلاة تصح ويكون آثماً لتركه هذا الواجب.
وهناك قول في المذهب اختاره الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أن الصلاة – تبطل بذلك، لأن السجود متمم للصلاة جابر لها فالصلاة ناقصة دونه، وإنما شرع بعد السلام لا لكونه شبهاً للإقامة والأذان وإنما شرع بعدها لأن الأليق في حقه أن يكون بعدها، فإنه يكون عن زيادة فإذا شرع قبل السلام اجتمع في الصلاة زيادتان، وأما إذا شرع بعده فلا يجتمع في الصلاة زيادتان ومع ذلك فإنه يبقى بلفظ الزيادة ويذهب أثرها.
وهذا القول أرجح، لأنه واجب متصل بالصلاة وأن كان خارجاً عنها، متمم لصلبها فهو منها.