أما المنفرد فإنه يبني على اليقين مطلقاً فلا يحكم عليه ظنه وأما الإمام فإنه أن أمكنه غلبه ظن تسبيح الناس خلفه فإنه يعمل به، وأن لم يمكنه ذلك إما بأن يختلف المأمومون أو لا ينتبه أحد منهم – فإنه يبني على اليقين.

واستدلوا: بما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم يسجد سجدتين) وفي رواية البخاري: (فليتم ثم يسلم ثم يسجد) فهذا الحديث فيه أن من أمكنه أن يتحرى الصواب فإنه يتم عليه ويسجد بعد السلام.

وقد حمل الحنابلة هذا الحديث على الإمام الذي يمكنه أن يتحرى الصواب بنية المأمومين.

فإن لم يمكنه تحري الصواب كأن يختلف المأمومون أو لا يحدث تنبيه مع الشك الواقع فيه فإنه – حينئذ يبني الإمام على اليقين.

وهناك رواية ثالثة عن الإمام اختارها شيخ الإسلام: وهي الراجحة إلى أن الإمام والمنفرد كليهما على غلبة الظن ويتحرى الصواب فأن لم يكن هناك صواب يتحراه فإنه يبني على اليقين وهذا هو القول الراجح لعمومات الأحاديث.

فأن حديث أبي سعيد الشك عام من الإمام والمنفرد: (إذا شك أحدكم في صلاته) سواء كان إماماً أو منفرداً فإنه يبني على اليقين مادام الشك مع استواء في الطرفين كما أن حديث ابن مسعود حديث عام في الإمام والمنفرد ثم إن غلبة الظن يحصل من المنفرد كما حصل من الإمام، فغلبة الظن التي تحصل بنيته المأمومين يمكن أن يحصل هذا الغلبة للمفرد وأن لم يكن هناك تنبيه فإن يكون الواقع في قلبه أنه صلى ثلاثاً أو أربعاً أو نحو ذلك، وهذا هو المقصود، فأن تنبيه المأمومين لا يعدوا إلا أن يكون وسيلة إلى غلبة الظن، فإذا حصلت غلبة الظن بدون تنبيه من المأمومين فيحكم بها لأنها هي المقصودة في الحكم.

تقدم أن المذهب أن غلبة الظن يحصل للإمام دون المنفرد في هذه المسألة، بسبب تسبيح المأمومين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015