قالوا: أن تذكره له أثناء شروعه بالفاتحة قد شرع في ركن مقصود وأما قبل ذلك فالقيام ركن غير مقصود لكن هذا ليس بصحيح، فأن القيام ركن مقصوداً أيضاً بدليل وجوبه على من لم يكن قائماً، فيجب عليه القيام، فالقيام ركن، وهو قد شرع في ركن، فكما أوجبنا عليه وقد شرع في الركن الذي هو القيام قبل القراءة، فكما أوجبنا عليه الرجوع في هذا، فكذلك يجب عليه أن يعود إذا شرع في القراءة فليس هناك فرق مؤثر ثم أنه يلزم من القول الأول إبطال ما ثبت صحته فأنه قد كبر وقرأ الفاتحة وركع وسجد كل ذلك أوقعناه صحيحاً له وليس هناك ما يدل على بطلانه.
وكوننا نلغي الركعة كما ذكر الحنابلة، فيه إبطال لما وقع صحيحاً ثابتاً ولم يرد دليل على إبطاله
وكذلك فيه إثبات لزيادة لم تقع سهواً، فإنه لما قام في الركعة الأولى وركع وسجد كل ذلك – كان عمداً لا سهواً، فإذا ألغيناه فقد أثبتنا في الصلاة زيادة قد تعمدها صاحبها.
لذا الراجح ما ذهب إليه الشافعية وهو أحد القولين في المذهب وأنه يجب عليه الرجوع مطلقاً ما لم يصل إلى الركن المقابل إلى الركن المتروك فحينئذ يقوم مقام الذي ترك.
وهنا صورة ثالثة لم يذكرها المؤلف: وهي ما إذا ذكره أثناء الركعة فأنه يجب عليه الرجوع بالإجماع كرجل كبر للصلاة وركع ثم سجد مباشرة ساهياً، وذكر في أثناء الركعة فإنه يرجع إليه وجوباً.
قال: (وأن علم بعد السلام فترك ركعة كاملة)
أي أنه لما سلم علم أنه ترك سجوداً، يقيناً لا شكاً (فترك ركعة كاملة) لأن هذه الركعة قد اختلت بترك ركن من أركانها وتبطل ولا تصح لأنه قد ترك فيها ما هو من قوامها مما لا تصح إلا به، فتكون الصلاة صحيحة وما تركه من الركن يجبره بفعل ركعة كاملة ويسجد للسهو أما قبله أو بعده على الخلاف المتقدم.
والقول الثاني في المذهب: وهو قول غير مشهور في المذهب: أنه يأتي بالركن الذي تركه وما بعده.