كما هي قاعدة المذهب – لا يبطل الصلاة فكيف جعلوا هذا كلاماً ولا يبطلها مع الحاجة، وما تقدم يبطلها ولو كان ذلك لمصلحتها أو لمصلحة من يجب تنبيهه بما بها تصل إلى الضرورة في المسائل المتقدمة، ومع ذلك ابطلوا الصلاة بها، واعتبروا هذا كلاماً وأجازوه في لحاجة فهذا مما يبين ضعف هذه المسألة عندهم.
والقاعدة: أنه لو ثبت أنه كلام لكان حكمه كحكم الكلام تماماً لا فرق بينهما فيبطل به الصلاة ضرورة أو حاجة ما لم يكن مما يستثنى كما تقدم في المذهب.
وقد تقدم حديث علي في تنحنح النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة لكن الحديث ضعيف، وما ذكر كاف فيه وهو أنه ليس بكلام ولا دليل على إبطال الصلاة فيه مع أنه يقع من المصلي كثيراً فيشق أن تبطل الصلاة به.
مسألة: إذا قرأ في الصلاة آيةً أو جزءاً منها مخاطباً ونحو ذلك، كأن يطرق عليه الباب فيقول: " أدخلوها " أو نحو ذلك؟
قال شيخنا: (هذا لا يخلو – فيما يظهر لي – من حالتين وما أتذكر كلاماً لأهل العلم في ذهني الآن)
الحالة الأولى: أن يكون قد جمع بين هذا وبين خطاب الله فاكتفى بآية خاطب بها الله وخاطب بها الآدمي.
فحينئذ: لا يعدو الأمر ألا أن يكون إسماعاً للآدمي بما يخاطب الله به مما يكون مناسباً للآدمي فحينئذ لا يبطل به الصلاة.
الحال الثانية: أن يخاطبه بغير نية خطاب الله والتعبد له، فحينئذ: تبطل به الصلاة، لأن هذا لا يعتبر قرآن، بدليل أن قرأ الآية وهو جنب، وقلنا أن الجنب لا يجوز أن يقرأ القرآن كما هو مذهب الجمهور. فالجمهور يقولون: لا يضر لأنه ليس قرآن، لأنه خرج عن أن يكون قرآن. فهذه الطريقة – من كونه يخاطب به آدمي لمقصد حادث – أخرجه عن أن يكون قرآن فحينئذ يبطل الصلاة.
ثم ذكر لنا – شيخنا بعد ذلك أن هذا ما يقرره الشافعية فقد قرره الشيرازي في كتابه " المهذب " الذي شرحه النووي في المجموع.
والحمد لله رب العالمين.