وقوله: (في صلبها) احترازاً من الكلم بعد السلام عند السهو فيه، فإذا سهى مسلم قبل وقته فتكلم في مصلحة الصلاة فسيأتي استثناؤه وأما ما سواها فكله إلى عدم البطلان بما تقدم: الإكراه والنسيان والإنقاذ والجهل ".

أما النسيان: فإذا تكلم في صلب الصلاة ناسياً فما حكم صلاته؟

فالصحيح ما ذهب إليه الشافعية في أن النسيان لا يبطل الصلاة.

ودليل ذلك: حديث ذي اليدين المتقدم فإن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بعد السلام ناسياً وتكلم أصحابه وهذا أمر ظاهر فإن المتكلم ناسياً ليس كالمتعمد، فأن المتعمد مناقض لأمر الشارع مخالف له، وأما الأخر فلا.

والحقيقة: أن هذا الفارق إنما هو مؤثر في الإثم، بخلاف الإعادة، فلا مانع أن يؤمر الناس بالإعادة مع رفع الإثم عنه لأنه غير مناقض للشرع، لكن لما كان النسيان يقع من المكلف كثيراً فشق إبطال الصلاة به، والمشقة تجلب التيسير شرع هذا الحكم فأن الناسي إذا تكلم في صلاته فلا تبطل صلاته – وهذا هو الراجح –

أما المكره: ففيه قولان:

القول الأول: وهو المشهور في المذهب: أن الصلاة تبطل إذا أكره على الكلام.

القول الثاني: أنها لا تبطل وهو مذهب الشافعية.

ودليلهم: قياس المكره على الناسي فأن الشارع لم يفرق بينهما في قوله: (أن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)

أما القول الأول فإن الصلاة تبطل به وهو الراجح، وذلك لأن الشارع قد جمع بين الإكراه والنسيان في رفع الحرج والإثم، فالمكره لا حرج عليه لكنه يؤمر بالإعادة فلا يؤثم على كلامه في الصلاة كما أن الناسي لا يؤثم أما مسألة إبطال الصلاة فهي مسألة خارجة عن هذا الحديث.

والقياس المتقدم قياس مع الفارق، والفارق بين الإكراه والنسيان: أن النسيان يكثر فيشق التحرز فيه، وأما الإكراه فيقل بل يندر، فعلى ذلك يرفع عنه الإثم ويبقى عليه إعادة الصلاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015