وظاهره أن الأكل اليسير عمداً يبطل النافلة كما يبطل الفريضة للفارق بين الأكل والشرب فيما تقدم، فإن المصلي يحتاج إلى شرب مالا يحتاج إلى الأكل.
والقول الثاني في المذهب وهو رواية عن الإمام أحمد أن الأكل كذلك، وأن الأكل والشرب اليسير في النافلة جائز وهو قول إسحاق بن إبراهيم.
وحجتهم: أنه أكل يسيراً أو شرب يسير فأشبه العمل اليسير في الصلاة لكن هذا منتقض فإن العمل اليسير جائز في الفريضة أيضاً، والأكل لا الشرب اليسير لا يجوز فيها مع أن العمل اليسير لا يؤثر فيها فالحكم على النافلة – هنا – يجوز الأكل والشرب اليسير لأن العمل اليسير جائز فهنا يقال: مقتضاه أن الفريضة يجوز الأكل والشرب اليسير فيها، لأن العمل اليسير جائز أيضاً ومقتض الإجماع المتقدم خلاف هذا، فأن فيه أن الأكل والشرب مبطل مطلقاً قل أو كثر.
لذا ذهب الإمام أحمد في رواية أخرى، قال الموفق فيها: (وهي الصحيح من المذهب، وهو مذهب الجمهور – أن الأكل والشرب اليسير عمداً في النافلة مبطل لها وهذا هو الذي يقتضيه القياس، فأن ما أبطل الفريضة فإنه مبطل النافلة إلا أن يدل دليل على تخصيص أي منهما بحكم، وحيث لا دليل على تخصيص فأنا نبقى الحكم على عمومة فيشمل الفريضة والنافلة.
فالراجح: أنه لا يجوز له مطلقاً الأكل والشرب في النفل واحد كان يسيراً خلافاً للمشهور عند المتأخرين من الحنابلة وهو الصحيح في المذهب كما قال الموفق: وهو مذهب جمهور العلماء.
قال: (وأن أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة في سجود وقعود وتشهد في قيام، وقراءة سورة في الأخير تبين لم تبطل ولم يجب له سجود بل يشرع) .
إذا أتى بقول مشروع كالفاتحة في غير موضعه، كأن يقرأ الفاتحة في ركوعه أو سجود أو نحو ذلك، أو يقول: " سبحان ربي العظيم " في غير موضعه كالسجود – مع قيامه بما وجب عليه.