لما ثبت في سنن أبي داود بإسناد حسن من حديث عقبة بن عامر قال: (لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال: النبي صلى الله عليه وسلم: " اجعلوها في ركوعكم " ولما نزلت " سبح اسم ربك الأعلى " قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اجعلوها في سجودكم ") (?) والأمر يقتضي الوجوب.
وسؤال المغفرة كذلك، بالقياس وإلحاق الشيء بنظيره والشبيه بشبيهه.
فإن هذا الجلوس ركن من أركان الصلاة، فيشرع فيه ما يشرع في غيره ويجب فيه ما يجب في غيره، فكما أن الركوع فيه ذكر واجب، والرفع منه فيه ذكر واجب والسجود والجلوس الأخير والجلوس وسط الصلاة كل ذلك فيه ذكر واجب، فكذلك الجلسة بين السجدتين.
فعلى ذلك يجب عليه أن يقول: (رب اغفر لي) في جلوسه بين السجدتين، وهو المشهور في المذهب وكل هذه المسائل عند جمهور العلماء ليست بواجبة والراجح ما تقدم.
أما ما ورد فيها في حديث المسيء صلاته فهذا الحديث حجة في وجوبها.
وأما ما لم يرد فإنها قد وردت بالأمر، وكونها لم ترد في حديث المسيء صلاته لا يدل ذلك على عدم وجوبها إذ الحديث لا يحيط بأركان الصلاة وواجباتها، وفيه ما هو ثابت بالسنة الصحيحة فرضيته ووجوبه ولم يرد في حديث المسيء صلاته، لقول ابن مسعود: (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد) (?) والتشهد وجلوسه ليسا مذكورين فيه.
فالحديث لا يحصر ذلك كله، فإن من الواجبات ما يحتمل أن يكون قد فرض بعد حديث المسيء صلاته.
وفيها ما لم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيانه للمسيء صلاته لكون ذلك واضحاً ومعروفاً له، وقد قام به على وجهه فلا يحتاج إلى بيانه.
(مرة مرة) : في كل مما تقدم في قوله: (سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى) و (رب اغفر لي) فكلها تجب مرة.
(ويسن ثلاثاً) : وقد تقدم.
قال: (والتشهد الأول وجلسته)