وقوله: (ولو فرض) قياساً على النفل، فإن الحديث ثابت في النفل وما ثبت نفلاً فهو ثابت فرضاً إلا بدليل يخصص ذلك.
وكره ذلك الأحناف والمالكية وقالوا: إنما هو خاص في النفل دون الفرض، فلا يستحب له في الفرض.
وهذا قوي في الغالب، فإن الغالب في فعل ذلك أن فيه إشقاقا (?) ً على المأمومين، فوقوف الإمام عند الرحمة يسألا والعذاب يستعيذ منه هذا يكون فيه إطالة على المأمومين فيكون فيه مشقة، والمشروع في الصلاة الجماعية أن يخففها الإمام بحيث لا يشق على المأمومين.
لذا لم يُنقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان مثل ذلك ثابت في الفرض لنقل لنا ذلك نقلاً بيناً.
وأما المأموم فإن في فعل ذلك انشغالاً عن الإمام في متابعة قراءته، وقد قال تعالى: {فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} (2) فكان الأولى عدم فعله في الفرض كما تقدم، لكن لو تبين أنه ليس في فعله مشقة على المأمومين، كأن يكون المأمومون محصورين بعدد يعلم أن لا يشق عليهم فإنه لا معنى لكراهية ذلك؛ لأن الأصل أن ما ثبت في الفرض فهو ثابت في النفل.
وحينئذ: فيشرع للمأموم ذلك.
فإذن: الأصل أو الغالب أن في فعله مشقة على المأمومين، وفعله للمأموم يشغله عن متابعة قراءة الإمام أو عن تمامها، فإن فعلها الإمام حيث لا مشقة فلا ينبغي القول بكراهيتها.
وحينئذ يفعلها المأموم ما دام الإمام يسكت لها، فسكوت الإمام لها وفعل المأموم لها أثناء السكوت لا يشغله عن متابعة قراءته.
والحمد لله رب العالمين.
الدرس السادس والثمانون
(يوم الأحد: 13 / 4 / 1415هـ)
فصل
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وأركانها)
أي أركان الصلاة.
والأركان: جمع ركن وهو جانب الشيء الأقوى وقد تقدم الفارق بينه وبين الشرط.
أن الشرط هو الفرض المرتبط بالصلاة من غير ماهيتها وغير حقيقتها.
وأما الركن فهو المرتبط بها وهو من حقيقتها وذاتها.