وأما اعتراض عائشة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم اعتراض الجنازة فإنها ماكثة والكلام في المار.
والفرق بينهما واضح: فإن المرور هو التجاوز بين المصلي وبين سترته.
وأما الماكث فهو باقي أمامه قبلة له كالشيء الذي يستتر به وقد تقدم قول ابن عمر (ولني ظهرك) (?) .
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرد المار بين يديه من بهيمة ونحو ذلك، ولو كانت ثابتة مستقرة لما فعل ذلك؛ لما ثبت أنه قد صلى إلى راحلته ولو كانت مارة غير ماكثة لدفعها النبي صلى الله عليه وسلم.
واعلم أن المستحب في السترة أن تكون عن المصلي ثلاثة أذرع فيما بين قدمه والسترة.
أو بينها وبين مواضع سجوده ممر شاة كل ذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد ثبت في البخاري عن ابن عمر: (أن بلالاً أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت كان بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع) (?) وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد: (كان بين مصلى النبي صلى الله عليه وسلم والجدار ممر شاة) (?) أي بين موضع سجوده وبين الجدار المستتر به ممر شاة.
فعلى ذلك: السترة يدنو منها المصلي فتكون منه على قدر ثلاثة أذرع أو بين السترة وبين موضع سجوده ممر شاة.
فإن لم يكن بين يديه سترة فإنه لا يجوز المرور بين يديه ويجب عليه أن يدفع المار بين يديه كما تقدم.
وموضع ذلك حيث كان يمكنه دفعه بحيث أنه يمكنه أن يمد يده إليه أو يتقدم يسيراً فيدفعه، فمثل هذا الموضع لا يجوز المرور، وإذا مر بينه وبين ذلك شيء مما تقدم فإنه يبطل الصلاة أو ينقصها.