ومن هنا يكون كل صحابي منهما قد حدث بما رأى، فهذا رأى أن أكثر انصراف النبي صلى الله عليه وسلم وهو إليه، وأنس رأى أن أكثر انصرافه عن يمينه، فعلى ذلك كلاهما سنة ويستحب له أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، ويكره أن يرى حقاً عليه ألا ينصرف إلا عن يمينه، فإنه حينئذ: يكون قد جعل للشيطان نصيباً من صلاته باعتقاد ما ليس بواجب.

فإذا أقبل على المأمومين: استغفر ثلاثاً وقال: " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام "

فقد ثبت في مسلم عن ثوبان قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) (?)

وفي مسلم عن عائشة قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) (?)

قال ابن القيم مستدلاً بهذا الحديث أنه يستحب للإمام أن يقول ذلك تجاه القبلة فينصرف إلى المأمومين وقد قال: " اللهم أنت السلام …. إلى قوله: " ذا الجلال والإكرام " أي لا ينصرف عن القبلة إلى المأمومين حتى يقول ذلك واستدل بحديث عائشة: (كان لا يقعد إلا مقدار ما يقول)

وقد سئل عن ذلك الإمام أحمد فقيل له: قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يقعد إلا مقدار ما يقول " أي لا يقعد إلى القبلة ثم ينصرف فقال: " لا أدري " أ. هـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015