القول الثاني: وهو المشهور عند الحنابلة واختاره الموفق: أنه يجزئه ذلك ولا يشترط أن يأتي به بتمامه بل يجزئه صلاة مطلقة، واستدل: بأن الصلاة الواردة عنه كانت عن سؤال، وما كان طريقه السؤال فليس بواجب، إذ لو كان واجباً لابتدأ به.

فهنا قال ذلك بعد سؤال الصحابة: فقالوا: " قولوا " وليس في هذا وجوب ذلك إذ لو كان واجباً لعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً، فسكوته عن تعليمهم ذلك حتى يسألوه يدل على أن ذلك إنما هو على وجه الإرشاد والتعليم وليس على وجه الوجوب والشرطية للإجزاء، وهذا القول هو الأرجح وأنه متى قال: " اللهم صل على محمد " أجزأه ذلك.

* ولكن هل يجب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في تشهده أم لا؟

ذهب الشافعية والحنابلة: إلى فرضية ذلك، أما الحنابلة فيوجبونها في التشهد الثاني فقط، وأما الشافعية ففي كل تشهد، واستدلوا: بقوله: " قولوا " قالوا: وهذا أمر والأمر للوجوب.

وذهب المالكية والأحناف: إلى عدم وجوب ذلك، ولكنه سنة.

وهذا القول أظهر؛ لما تقدم من التعليل السابق فإن هذا إنما ورد على هيئة سؤال، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمهم الصلاة عليه في الصلاة حتى سألوه عنها، وما كان طريقه ذلك فليس بواجب وإنما هو مستحب.

ومع ذلك ففيما قاله الحنابلة قوة، والاحتياط الالتزام بذلك وعدم تركه، بل الاحتياط أن يقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم تماماً لا يسقط من ألفاظه شيئاً.

قال: (ويستعيذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015