أما ما ذكره أهل القول الأول: من أن هذه السنة لم تثبت إلا في هذين الحديثين.

فالجواب: أن هذا في الحقيقة كاف في إثباتها ولا يشترط أن يروي من غير هذين الحديثين بل لو ثبتت السنة في حديث واحد لكانت سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

- وقيل وهو اختيار الموفق: يستحب لمن ضعف وكبر. وعليه حمل الحديثان المتقدمان بأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلهما على كبر.

لكن هذا وإن كان قد يكون واقعاً – فإن مالكاً راوي هذا الحديث قد يكون رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد كبر، لكن هذا لا يعني أنه لا يستحب لغيره.

فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له: (صلوا كما رأيتموني أصلي) لم يستثن من ذلك شيئاً، وكانوا قد رأوه وقد جلس جلسة الاستراحة، فلو لم تكن مستحبة لاستثناها النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي حميد حديث مطلق ليس فيه ما يدل على أنه فعله حين الكبر.

كما أن إقرار هؤلاء العشرة وسكوتهم عن روايته وعدم اعتراض أحد منهم على ذلك بأنه قد فعلها حين الكبر، فسكوتهم يدل على أن ذلك سنة مستحبة مطلقاً.

إذن: الراجح سنية جلسة الاستراحة.

ويستحب أن يطمئن بها كما تقدم في حديث أبي حميد الساعدي: (ثم جلس حتى رجع كل عضو) وهي جلسة لطيفة لم يرد فيها ذكر.

مسألة:

على القول باستحباب هذه الجلسة متى يكون التكبير؟

ثلاثة أقوال لأهل العلم هي ثلاثة أوجه في مذهب الشافعية:

الأول: أنه يكبر إذا رفع رأسه ثم يجلس ثم ينهض بلا تكبير.

الثاني: أنه لا يكبر إذا رفع رأسه ثم يجلس ثم يكبر وينهض.

الثالث: أنه يكبر إذا رفع رأسه ويمد تكبيره حتى يجلس ثم ينهض.

وهذا أصحها عند الشافعية وهو المشهور عندهم.

والراجح عدم استحباب ذلك لأن هذه الصفة لو كانت ثابتة لنقلت إلينا لاختلاف الصفة عن غيرها من التكبيرات.

ثم إن هذه الجلسة إنما شرعت لإعطاء البدن شيئاً من الراحة وحيث كان على هذه الهيئة فإنه ينافي هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015