- والقول الثاني، وهو رواية عن الإمام أحمد والإمام مالك واختاره ابن تيمية وابن القيم: أنه يجزئه ذلك لأنه بثبوته بالسند الصحيح يثبت قرآناً، وقد كان هؤلاء الصحابة الذين ثبتت عنهم قراءات لا تدخل في الرسم العثماني كانوا يقرؤون بها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده وكانت ولا شك تجزئ عنهم.
بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على أخذ القرآن عن ابن مسعود وقد ورد عنه مثل هذه الآية التي تخالف ما استقر عليه المصحف عهد عثمان.
ومعلوم أن ما استقر عليه المصحف في عهد عثمان ليس حاوياً للمصحف كله بل هو حاوٍ لشيء فيه وضع على هذه الهيئة درءاً للخلاف والفتنة والفرقة في كتاب الله تعالى – وحيث أنه من القرآن لثبوته بالسند الصحيح إلى هذا الصحابي فإنه لا مانع من أن يقرأ به – وهذا هو القول الراجح.
وكونه ليس بمتواتر يقال: ليس بشرط هذا فإن كثيراً من أفراد القراءات الواردة عن القراء السبعة ليست بمتواترة، وادعاء أنها متواترة ليس بصحيح، بل إن كثيراً منها ليس بمتواتر وإنما يعود إلى غرابة السند أو عزته أو شهرته وليس كلها متواتر.
وإنما القرآن متواتر في مجموعه، وأما آحاد القراءات وأفرادها فإن القول بتواترها مجرد دعوى.
فعليه: إذا ثبت بالسند الصحيح إلى الصحابي فإنه يقرأ به وتصح به الصلاة، لكن ينبغي فعل هذا حيث لا تكون هناك فتنة وفرقة.
إذن: كل قراءة وافقت المصحف فيجوز القراءة بها في الصلاة اتفاقاً.
فإن لم توافق المصحف وصح سندها:
فالمشهور في المذهب أن القراءة لا تصح بها (?) .
والراجح – وهو رواية عن الإمام أحمد – بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " هي أنصهما " أي أنص الروايتين عن الإمام أحمد هذه الرواية التي فيها أن القراءة التي لا تدخل في المصحف العثماني مع صحة سندها قرآن يقرأ به ويحتج به في الأحكام الشرعية.
والحمد لله رب العالمين
الدرس الخامس والسبعون