وعامة أدلتهم لا تصح ولا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فكلها موضوعة أو ضعيفة كما قرر هذا شيخ الإسلام وغيره. إلا ما رواه النسائي وغيره بسنده الصحيح إلى نعيم المجمر: قال صليت وراء أبي هريرة فقرأ: " بسم الله الرحمن الرحيم " ثم قرأ بأم القرآن وفيه أنه قال: (إني أشبهكم صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) (?)
قالوا: فهذا يدل على مشروعية الجهر إذ لو لم يجهر أبو هريرة لم يسمعه نعيم وقد عزا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إني لأشبهكم)
لكن الحديث ليس بصريح في الدلالة:
فيحتمل أن يكون نعيم قد سمعه وهو يسر بها وكان من الصالحين وكان هو الذي يجمر مسجد المدينة فلا يبعد أن يكون قريباً من أبي هريرة فسمعه وهو يقولها، كما سمع رجل أبا بكر في الركعة الثالثة من صلاة المغرب وهو يقرأ {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا} (?) .
ثم إن نعيماً قد تفرد برواية هذه اللفظة عن سائر الرواة عن أبي هريرة كما قرر ذلك ابن القيم، فكل الرواة لم يذكروا هذه اللفظة وتفرد بها نعيم فكانت مظنة الضعف، وقد خالفها ما تقدم من الأحاديث الصحيحة.
وهناك احتمال آخر وهو أن أبا هريرة إنما جهر بها للتعليم، وللإخبار بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولها كما كان عمر يجهر بالاستفتاح للتعليم.
وقد قال: " إني لأشبهكم صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " والمشابهة لا تقتضي المماثلة.