والمراد هنا: ما لم يكن هناك عارض يمنع من سماع، فإن كان هناك عارض كأن يكون هناك أصوات أو لا يتمكن من إسماع نفسه كالعاجز عن الكلام أو كان لا يسمع نفسه كغير السميع فإنه يتلفظ بالقراءة والتكبير بحيث يسمع نفسه إن كان سميعاً أو يسمع نفسه لو لم يكن هناك هذا العارض الذي يمنع السماع.
إذن: يرفع صوته بالقراءة والتكبير بحيث يسمع نفسه لو كان ليس ثمت عارض يمنعه من السماع.
- واختار شيخ الإسلام وهو مذهب المالكية ومذهب بعض الأحناف وهو وجه عند الحنابلة – كما قال شيخ الإسلام –: أنه يحرك لسانه بالحروف ولو لم يسمع نفسه، فليس شرطاً أن يسمع نفسه، فالشرط هو أن ينطق بالحروف، والنطق بالحروف هو تحريك اللسان بها وخروج الحروف من اللسان، فإذا خرجت الحروف من اللسان وحرك اللسان بها، فإن هذا كاف ولو لم يسمع – وهذا هو الظاهر – فإن إسماع نفسه لا دليل عليه.
وكونه قولاً، يثبت ذلك بمجرد إخراجه للحروف من لسانه، وليس بشرط القول والكلام أن يسمع نفسه أو يسمع غيره، بل شرط ذلك أن يتكلم بالحروف بصوت، فمتى خرجت الحروف وتحرك اللسان بها فهذا هو الكلام.
فإن كان ممن لا يمكنه أن يتكلم كأخرس أو نحوه: فإنه ينوي بقلبه التكبير ولا يحرك لسانه في أصح الوجهين في مذهب الإمام أحمد، واختار ذلك الموفق.
والقول الثاني: أنه يحرك لسانه؛ لأن المتكلم يحرك لسانه فينطق، فكان عليه أن يحرك لسانه كذلك، فكونه عاجز عن النطق لا يسقط عنه حركة اللسان.
لكن الراجح: القول الأول: وأنه لا يشرع أن يحرك لسانه بل ينوي بقلبه، لأن تحريك اللسان بحيث لا فائدة منه.
وإنما يحرك المتكلم لسانه لتخرج الحروف فينطق بها وحيث لم يكن ذلك فإنه لا فائدة من تحريك اللسان بالحروف.
وظاهر قوله: (وغيره نفسه) : إن هذا في المفرد مطلقاً سواء كان يصلي صلاة سرية أو جهرية، فلا يشرع له الجهر بالقراءة، وسواء كانت أداءً أو قضاءً.