وعلى ذلك: فإن المأمومين يتمون صلاتهم إما فرادى، ولهم – كذلك – وهو الأولى أن يستخلفوا، إما بأن يستخلف الإمام من يتم الصلاة، وإما بأن يتقدم أحد منهم فيتم الصلاة بهم – هذا هو القول الراجح في المذهب.
فالقول الراجح: أن صلاة المأموم مرتبطة متعلقة بصلاة الإمام، لكن له أن يفارقه حيث كان معذوراً كما تقدم فإنه من المعلوم أن المأموم – وهو الذي دلت عليه السنة – يفارق الإمام حيث كان معذوراً، وهنا هو معذور عن متابعة الإمام، فالإمام قد بطلت صلاته وهو معذور حيث انفرد وفارق وصلى وحده، فكما أنها انقطعت العلاقة بينهما في الصلاة حيث كان معذوراً ففارق إمامه، فهنا أولى.
قال: (وإن أحرم إمام الحي بمن أحرم بهم نائبه وعاد النائب مؤتماً صح)
يعني: رجل له نائب في المسجد، فصلى النائب فحضر الإمام فتقدم الإمام وتأخر النائب، فكان أن أحرم إمام الحي وهو الإمام الراتب، بمن سبق أن أحرم بهم نائبه، فذلك يصح.
فهنا: أتى الإمام الراتب فنوى الإمامة فهذا صلاته لا إشكال فيها لأنه من أول الصلاة قد نوى الإمامة – أي على المذهب لا إشكال في ذلك –.
وانتقل الإمام إلى مؤتم، فيتحول النائب من نية الإمامة إلى نية دونها وهي نية الائتمام، والاقتداء لمصلحة راجحة وهي ثبوت صلاة الإمام الراتب.
ودليله: ما ثبت في الصحيحين في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة وفيه: (فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر) (?) لأنه هو القائم الظاهر لهم.
فهذا فعله والأصل عدم خصوصيته وإلحاق غيره به.