وهذا هو الذي يسع الناس، فمتى خرج من بيته إلى المسجد سواء كان قبل الصلاة بزمن يسير عرفاً أو كثير عرفاً ولم ينو قطع النية فإن هذه النية تجزئه، لأن النية ثابتة باقية وقد نواها فلم يقطعها فتكون كافية لصلاته.
إذن: لا يشترط الزمن اليسير للنية عرفاً بل لو قدمها قبل الصلاة بزمن كثير عرفاً لكنه لم يقطع هذه النية فإن هذا كاف مع نيته، لأن النية باقية والواجب أن تكون شاملة للصلاة، وقد شملتها لأنه لم يقطع هذه النية، فعدم قبول هذه النية وإبطال الصلاة بمثلها باطل؛ لأن النية باقية فلم يقطعها، وليس ثمت دليل يوجب أن تتقدم بزمن يسير أو تكون مقارنة للتكبير بل متى نوى ولم يقطع فإن ذلك مجزئ.
قال: (فإن قطعها في أثناء الصلاة أو تردد بطلت)
إن قطعها أثناء الصلاة، كأن يصلي رجل وهو في صلاته قطع النية، أو تردد أي قال: هل أقطع الصلاة أم لا، فهو لم يقطع النية لكنه تردد، وهناك جزم.
إذن هنا صورتان.
وأصل هذه المسألة: أنه يجب عليه أن يستصحب حكمها، واستصحاب حكمها ألا ينوي قطعها، فإذا نوى قطعها فإن الصلاة تبطل.
أما إذا تردد فقولان في المذهب:
القول الأول: هو هذا، وأنه متى تردد فإن الصلاة تبطل؛ لأن التردد يخالف الجزم الواجب، والنية يجب أن تكون جازمة، ويجب عليه أن يكون مستديماً للنية، وما دام متردداً فليس بمستديم لها.
والقول الثاني في المذهب: أن ذلك ليس بمبطل للصلاة؛ ذلك لأنه قد نوى نية متيقنة واستصحب حكمها وتردد ولم يقطع، فهو لم يقطع ومجرد تردده ليس بقطع، وإن نافى الجزم فإنه لم يبطل النية الجازمة.
فإنه قد نوى نية متيقنة جازمة في أول صلاته ثم كان الواجب عليه أن يستصحب حكمها بأن لا ينوى قطعها فهو ما لم ينو القطع فهو مستصحب للحكم، وهذا التردد خارج عن النية، فالنية ما زالت مستصحبة وإنما وقع تردد في قلبه هل يبطل هذه النية أم لا.