وحيث أمرناه بالوقوف والركوع والسجود في كل ركعة، فإن ذلك سيؤدى إلى انقطاع سيره، وسيلحقه شيئاً من المشقة، فلا فرق – حينئذ – بين أن يؤمر فيقف فيصلي وبين أن يؤمر بأن يقف فيركع ويسجد؛ لأن هذه الأفعال متكررة في الصلاة، فالركوع والسجود وما بينهما هذا يأخذ أكثر من شطر الصلاة، فيناقض ما هو المقصود من التخفيف والتسهيل في أمر النافلة.
فالأظهر: أنه يومئ بركوعه وسجوده وهذا كذلك الذي يقتضيه القياس على الراكب.
فالراجح: أنه لا يجب عليه الركوع والسجود ولا يجب أن يكون ذلك إلى القبلة، بل أصل الركوع والسجود ليس بواجب، فيكفيه أن يومئ إيماء عن الركوع والسجود، ويكون إيماؤه في السجود أخفض من إيمائه في الركوع.
فعلى ذلك: صفة صلاة الماشي أن يكبر للإحرام مستقبل القبلة استحباباً ثم يتوجه حيث شاء ثم يومئ بالركوع والسجود.
أما صفته على المذهب: فيجب أن يستفتح الصلاة تجاه القبلة ثم يتوجه حيث شاء ثم إذا حان الركوع والسجود يقف فيركع أو يسجد إلى القبلة – والصحيح خلاف ذلك كما تقدم –.
قال: (وفرض من قرب من القبلة إصابة عينها، ومن بعد جهتها)
فالقريب من القبلة الذي ليس بينه وبينها شاخص ولا ستر يغطي القبلة عنه يجب عليه أن يصيب عينها اتفاقاً فلا يكون مائلاً عنها ولو شيئاً يسيراً، بل يجب أن يكون بدنه كله متوجهاً إلى عين الكعبة، لأنه قادر على ذلك.
فإن لم يكن كذلك بل كان بينه وبينها ستر أو جدران ويشق عليه إصابة عينها – بخلاف الجدران التي في الحرم وما حوله فإنه لا يشق عليه أن ينظر فيتوجه إلى القبلة عيناً – أما حيث كان على خلاف ذلك – فالواجب عليه أن يصيب جهتها، لذا قال:
(ومن بعد جهتها)