فالجواب أن يقال: إنه لا فرق بين التكبير وغيره فالتكبير جزء من أجزاء الصلاة لا فرق بينه وبين غيره، ولم يُذكر في حديث عامر بن ربيعة ولا في حديث عبد الله بن عمر ولا في حديث جابر، وحيث لم يذكر فإنه يدل على أنه لم يفعل في تلك الأحاديث.
فإن قيل: لم لا تقيد تلك الأحاديث بحديث أنس؟
فالجواب: إن الأفعال لا يقيد بعضها بعضاً، فإن كل فعل حكاية عين وحكاية واقعة، فهذا يحكي الواقعة التي رآها وهذا يحكي الواقعة التي رآها وهكذا.
وظاهر - ما ذكره (?) - من لم يذكرها أنها لم تقع من النبي صلى الله عليه وسلم.
فأظهر الروايتين عن الإمام أحمد أن ذلك لا يجب وهو الذي يقتضيه النظر والقياس فإنه لا فرق بين تكبيرة الإحرام وغيرها من سائر الأركان.
ولعل النبي صلى الله عليه وسلم حيثما فعل ذلك: أنه كان نازلاً فركب راحلته، وفي تلك الحال لا يشق أن يتوجه إلى القبلة فكبر متوجهاً إلى القبلة.
بخلاف ما إذا كان سائراً فإن هناك مشقة أن يقف فيستقبل القبلة ويكبر تكبيرة الإحرام.
ومعلوم أن من أحب أن يصلي ركعات كثيرة، كمن له ورد من الليل، فإنه على ذلك يحتاج أن يقف بعد كل ركعتين فيستقبل القبلة فيكبر، إن صلى مثنى مثنى.
ففي هذا مشقة ظاهرة، فالأولى ما تقدم وأنه ليس بواجب وهذا ما يقتضيه التخفيف والتسهيل في أمر النافلة، فمعلوم أن هذا أسهل للمحافظة عليها.
وهذا هو أصل مشروعية التنفل على الراحلة غير مستقبل القبلة وإخراجها عن الأصل من إيجاب الركوع والسجود ومن استقبال القبلة، وكذلك ما يكون في الحضر من كونه يصلي قاعداً – كل هذا من باب تخفيف وتسهيل أمر النافلة لتتم المحافظة عليها – والعلم عند الله تعالى.
قال: (وماشٍ)
كذلك الماشي من باب القياس، فلو كان ماشي في سفر فإنه يصلي حيث توجه.