ومثل ذلك: الصلاة إلى الحش وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره بعض أصحابه، للأثر المتقدم عن ابن عباس: (لا تصلين إلى حش) (?) ولا يعلم له مخالف فيكون قوله حجة.
فالصلاة إلى الحش وإلى الحمام قد ثبت عن ابن عباس، والنهي عائد إلى الذات فتفيد البطلان.
وليس عندنا من يخالف ابن عباس فيكون قوله حجة.
إذن الصلاة إلى المقبرة والحمام والحش باطلة.
أما الصلاة إلى أعطان الإبل، أو إلى أرض مغصوبة - على القول ببطلان الصلاة فيها - فإن الصلاة صحيحة ولا أثر إلى استقبالها.
وكيف يكون استقبالها؟
المشهور في المذهب أنه إذا كان بينه وبين الحش أو المقبرة ما يستتر به من كان متخلياً بأن يكون بينه وبينها مؤخرة الرحل، فإن الصلاة تكون صحيحة.
وعليه فحائط المسجد ساتر، فإن كانت أمام المسجد مقبرة فحائطه يكون ساتراً.
وهناك قول ثاني في المذهب اختاره المجد ابن تيمية وهو القول الراجح: أن حائط المسجد لا يكفي بل لابد أن يكون هناك فاصل آخر يفصل بينهما، ومثل مؤخرة الرحل لا يعد ذلك شيئاً، فإن الرجل يعد مستقبل القبلة وإن كان بينه وبين القبلة شيئاً.
ولكن حيث كان بينه وبين المقبرة شيء فلا حرج في ذلك إذ المشقة تلحق بالنهي عن استقبالها حيث كانت هناك بيوت أو حوائل أو نحو ذلك.
وأما إيجاد ساتر بينهما فإنه لا مشقة فيه فعليه لا يكفي حائط المسجد ولا حائط المقبرة بل لابد أن يكون بينهما عازل آخر بحيث لا يكون المسجد مستقبلاً المقبرة.
ومثل ذلك الحش فلو صلى في غرفة تتوجه إلى الحش أو الحمام فالصلاة كذلك باطلة ولا يكفي الحائط بينهما بل لابد أن يكون هناك حائل آخر.
فلو كان هناك غرفة بينهما فإن ذلك يجزئ.