وهنا النبي صلى الله عليه وسلم حرمه مطلقاً ولم يستثن من ذلك استواءهما ولا أن يكونا النوع الآخر هو الأكثر بل حرمه مطلقاً، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا النوع من الثياب شامل لما كان الحرير فيه هو الأكثر أو كان هو الكثير المساوي أو كان هو الكثير الأقل فهو شامل لهذه الأنواع كلها ما لم يكن موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع فقد دل الحديث المتقدم على جوازه.
قال: (ولضرورة أو حكة أو مرض)
" لضرورة ": من حر أو برد، بأن لا يكون عنده إلا ثوب حرير ويخشى على نفسه الهلكة إن لم يلبسه.
أو كانت هناك حاجة وليست ضرورة: كأن يكون فيه حكة أو نحو ذلك فيحتاج إلى أن يلبس الحرير مع أنه إذا لبس غيره فإنه يزول المرض الذي عليه – وهو مع لبسه للحرير لا يقطع بزوال المرض فليس هذا ضرورة بل حاجة.
مع ذلك: لبس الحرير للحاجة من حكة أو مرض - ومن باب أولى للضرورة - جائز، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: (رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في قميص الحرير في سفر من حكة كانت فيهما) (?)
ولبس الحرير للحكة من الحاجات وليس الضروريات؛ لأنه لا يعلم اندفاع الحكة به، فلا يثبت به زوال الحكة قطعاً بل هو نوع من أنواع التداوي (?) ، ومعلوم أن الدواء لا يقطع بزواله بل هو سبب قد يتم به الشفاء وقد لا يتم به. فاستعمال الحرير لحاجة لا بأس به.
قال: (أو حرب)
في الحرب يجوز للمسلم أن يلبس فيها الحرير لإرهاب أعداء الله وإظهار قوة المسلمين.
وإظهار ما يكون فيه خيلاء في الحرب محمود لإرهاب الأعداء فلهذه المصلحة العامة جاز أن يلبس الحرير.