قال: [فإن شق صلى الرجال واستدبرهم النساء ثم عكسوا]
بمعنى: إن كانوا في موضع واحد ولا يمكنهم أن يصلوا فيه منفردين، فكيف يكون الحكم؟
يصلي الرجال مستقبلين القبلة، وتكون النساء مستدبرات القبل، ثم بعد ذلك يكون العكس، فتصلي النساء مستقبلات القبلة ويؤدين فريضتهن، ويكون الرجال مستدبرين النساء مستدبرين القبلة.
هذا كله على القول بفرضية الصلاة جماعة، وهو المذهب، وهو فيما يظهر لي ضعيف جداً، وأن القول بفرضية الصلاة جماعة مع كشف العورة ضعيف جداً.
استدلوا هم: بعمومات الأدلة الشرعية الدالة على فرضية الجماعة.
وذهب جمهور العلماء من المالكية والأحناف، وهو قول للشافعية: إلى أن الجماعة تسقط، فيصلون فراداً إلا في ظلمة شديدة لا تنكشف لأحد منهم عورة.
وذلك: لأن ما يلحقه في كشف العورة من المذمة والعار والفتنة ونحو ذلك أعظم مفسدة مما يترتب على فوات الجماعة. والواجب هو إسقاط ما يترتب عليه مفسدة صغرى والقيام بما يترتب عليه المفسدة الكبرى، فحينئذ الواجب أن يصلوا فراداً إلا في ظلمة، فإن الجماعة يبقى وجوبها لعدم المعارض لذلك.
قال: [فإن وجد سترة قريبة في أثناء الصلاة ستر وبنى وإلا ابتدأ]
وجد سترة لا تقطع صلاته، فهي تحتاج إلى عمل يسير لا يؤثر في الصلاة، فيجب عليه أن يستر بها عورته ويبني على صلاته ولا يستأنفها.
وأما إن كانت السترة بعيدة عرفاً بحيث تحتاج إلى عمل كثير مبطلٍ الصلاة فحينئذ يجب أن يقوم بالستر، حيث استطاعه، والصلاة لم تتم بعد فتثبت صحة، فيجب عليه أن يستتر بها ويستأنف صلاته.
إذاً: الواجب عليه مطلقاً أن يستر عورته.
ويبني إن كان العمل قليلاً لا يؤثر في الصلاة.
وأما إن كان عملاً كثيراً يؤثر في الصلاة فإنه يستأنفها.