أنه في هذا الموضع والمحل النجس لا يمكنه أن يفعل أمراً آخر، فلا خيار له، فلم يجب عليه الإعادة، ومثل ذلك ما لو حبس في محل مغصوب، فكذلك لا تجب عليه الإعادة؛ لأنه لا خيار له في ذلك.

فإن كان مسجوناً سجناً يمكنه أن يخرج نفسه منه؟

بمعنى: رجل غصب أحداً حقه، فيمكنه أن يخرج برد ذلك الحق؟

فيجب عليه أن يعيد؛ لأن له خيار آخر، وهو أن يخرج من السجن بأداء الحق الواجب عليه، هذا كله بناء على هذا التعليل.

لكن في الحقيقة هذا الفرق ليس له أثر في الشرع،بل كلاهما قد فعل ما أمر به شرعاً واتقى الله ما استطاع، فكانت صلاته صحيحة.

وكون هذا لا خيار له، وهذا له خيار، فهذا في الحقيقة لا أثر له، أو كون هذا نادراً وهذا ليس بنادر، هذا في الحقيقة لا أثر له.

وهذا هو اختيار شيخ الإسلام.

إذاً: الراجح أن من صلى في ثوب نجس سواء كان محلاً نجساً أو لم يكن كذلك فلا تجب الإعادة عليه مادام أنه فعل ما أمر به شرعاً واتقى الله ما استطاع،وقد قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} (1) . ولم يأمر الله تعالى العبد بأداء الفرض مرتين، فقد أدى الفريضة على حسب ما أمره الله به، فلم يكن هناك ما يدعى إلى إيجاب الصلاة عليه مرة أخرى وقد قام بها على الوجه المأمور به شرعاً.

فالراجح: أنه لا يجب عليه أن يعيد مطلقاً سواء كانت الصلاة بثوب نجس، وهو معذور في لبسه وحيث له خيار أو كان ذلك حيث لا خيار له إذا صلى في محل نجس أو في محل مغصوب ونحو ذلك.

فمن صلى في ثوب محرم ناسياً فصلاته صحيحة بالإجماع، فكأن المذهب علقوا البطلان في الإثم، فإذا أثم بطلت صلاته وإلا صحت.

والحمد لله رب العالمين.

الدرس الثالث والستون

(يوم الاثنين: 1 / 3 / 1415 هـ)

اعلم أن المشهور في المذهب أنه لا يجب أن يكون الساتر للمنكبين - لا يجب أن يكون - كثيفاً لا يظهر البشرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015