ومن الأدلة على الوجه الأول: ما في البخاري عن زيد بن ثابت قال: (أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم – أي القرآن – وفخذه على فخذي فثقلت علي حتى خشيت أن ترض فخذي) (?)
والشاهد منه ما تقدم: من مس فخذ النبي صلى الله عليه وسلم لفخذ زيد والعكس وهذا لا يكون في العورة.
وأجاب أهل القول الثاني على أهل القول الأول:
بأن الأحاديث الواردة في هذا الباب كلها ضعيفة.
فحديث جرهد: حديث مضطرب وقد ضعفه البخاري وغيره.
وحديث ابن عباس فيه أبو يحيى القتات وهو ضعيف.
وحديث محمد بن جحش فيه أبو كثير وهو مجهول.
وحديث علي إسناده ضعيف جداً.
وهذه الأحاديث إنما تحسن لشواهدها لو لم يكن لها هذا المعارض وهي الأحاديث التي فيها ما اتفق عليه الشيخان ومنها رواه البخاري أو مسلم.
والقول الثاني هو الراجح؛ لأن الأحاديث كلها ضعيفة، وهذه الأحاديث صحيحة صريحة في أن الفخذ ليس بعورة.
وحيث قلنا إن الفخذ ليس بعورة، فكما قال شيخ الإسلام: " موضع هذا خارج الصلاة، أما في الصلاة، فيجب سترها، لقوله صلى الله عليه وسلم – في الثوب الواحد – (إن كان واسعاً فالتحف به وإن كان ضيقاً فاتزر به) (?) .
ثم إن الفقهاء يقع منهم في هذا الباب شيء من الخلط الكثير – كما قال شيخ الإسلام – في مسألة العورة في الصلاة وفيها خارج الصلاة وليس بينهما اجتماع.