وترجيحه مبني على تصحيحه صلاته الأولى؛ لأنها صلاة قد أمر بها وأمر بإتمامها، والعبد لا يؤمر بالصلاة مرتين، وقد أداها، فقد أدى الصلاة أولاً، وأمر بإتمامها، فليس من الشرع أن يؤمر بالصلاة مرة أخرى.
إذاً: الراجح أنه إذا تذكر في أثناء الصلاة، صلاة فائتة فإنه يتم الحاضرة ثم يصلي بعد ذلك المنسية سواء قلنا بوجوب الترتيب أم لم نقل بوجوبه.
أما إذا لم نقل بوجوبه فهذا واضح؛ لأن الترتيب ليس بواجب وغاية الأمر أن يكون قد ترك الاستحباب. وأما إن قلنا بوجوب الترتيب، فكما قال شيخ الإسلام: قد أمرناه بالصلاة وأمرناه بإتمامها، فهي صلاة شرعية قد أمر بها فكيف يؤمر بها مرة أخرى.
مسألة:
إذا كثرت عليه الفوائت، فما الحكم؟
الجواب: يجب أن يقضيها كلها كما تقدم، ويجب كذلك أن يكون هذا على الفور، كما تقدم.
لكن بشرط وهو ألا يكون عليه مشقة في بدنه أو ماله، فإن كانت عليه مشقة وضرر في بدنه أو ماله فلا يجب عليه أن يشتغل بها على هذه الصورة من الفورية، بل يصلي بحيث لا يحلقه الضرر ببدنه وماله.
ببدنه: بتعب أو إعياء أو مرض ونحوه.
وبماله: بضياع شيء من ماله أو بقطع رزقه بالعمل ونحو ذلك، فإنه لا يؤمر بها متواصلة فورية، بل يؤمر بها على الوجه الذي لا يلحقه الضرر، فيصلي بقدر ما لا يلحقه الضرر ثم يقوم بمصالح نفسه ثم يعود إلى إتمام ما فاته، وهكذا.
هل يشرع له أن يقضي نوافل هذه الصلوات أم لا؟
كرجل فاتته خمس صلوات، فهل يشرع أن يقضي نوافلها؟
الظاهر: كما هو المشهور في المذهب التفصيل في هذا: فإن كانت الصلوات كثيرة فإنه لا يقال باستحباب قضاء النوافل، وإن كانت قليلة يسيرة فيشرع له ذلك.
أما الدليل على عدم استحباب قضاء النوافل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قضى الفوائت يوم الخندق وكانت أربعاً لم يصل نوافلها.