فالراجح: ما اختاره شيخ الإسلام وهو مذهب مالك وأبي حنيفة من أن القضاء لا يجب لأن هذا المكلف قد أخَّر الصلاة تأخيراً جائزاً غير مفرط في ذلك ثم حدث المانع فلم يجب عليه القضاء، لأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد ولا أمر جديد في ذلك.
وعلى قول المذهب:
إذا أدرك قدر تكبيرة الإحرام من وقت صلاة الظهر ثم حاضت المرأة، فهل يجب عليها أن تصلي الظهر والعصر إذا طهرت أم لا يجب عليها إلا الظهر؟
روايتان في مذهب أحمد:
الرواية الأولى: أن الصلاة الثانية لا يجب قضاؤها؛ لأنهم لم يدركوا من وقتها شيئاً ولا من وقت من يتبعها.
الرواية الثانية: أن الصلاة الثانية يجب قضاؤها.
وهذا القول هو الراجح – كما سيأتي ولما تقدم – من قضاء عبد الرحمن بن عوف وابن عباس في المرأة تطهر قبل الفجر بأنها تصلي المغرب والعشاء، وهذا ما يقول به الحنابلة في المشهور عندهم، لكنهم في هذه المسألة لم يقولوا بها، لأنه عندما يدرك وقت الصلاة الثانية فإن الأولى تبع لها، أما هنا فقد أدرك الأولى ولم يدرك من الثانية شيئاً.
لكن هذا في الحقيقة ليس بمؤثر، لأن مناط الحكم فيمن طرأ عليهم عدم التكليف، أو غير المكلف ثم طرأ عليه التكليف أنهم إذا حدث ذلك منهم قبيل خروج وقت الصلاة الثانية فإن الآثار الواردة عن الصحابة في إيجاب الصلاة الأولى عليهم لمعنى متوفر في هذه المسألة وهي:
أن هذا الوقت وقت لهما جميعاً عند العذر، فإن وقت الأولى وقت للثانية عند العذر، لهذا فإن من أدرك وقتاً من الثانية فيجب عليه أن يصلي الأولى، لأن الظهر والعصر وقتهما واحد عند العذر وكذلك المغرب والعشاء، فوقتهما واحد عند العذر، لذا جاز الجمع فيما شرعه الشارع من ذلك، وفي الحقيقة لا فرق - حينئذ - بين وقت الأولى ووقت الثانية، لأن الوقت واحد للجميع.