واستدلوا: بما ثبت في مسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) (?) الحديث.
قالوا: فهذا يدل على أن أي إدراك للوقت فإنه يكون إدراكاً صحيحاً، كأن يدرك من الوقت قدر سجدة أو ركوع أو تكبيرة الإحرام فإنه يكون مدركاً للوقت.
- وذهب الإمام الشافعي وهو مذهب مالك: إلى أنه لا يدرك الوقت إلا بإدراك ركعة تامة، بقيامها وركوعها وسجدتيها، فإذا أدرك ركعة فخرج الوقت فإنه يكون مدركاً للوقت.
واستدلوا: بما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح) (?) الحديث.
قالوا: فهنا النبي صلى الله عليه وسلم قيد الإدراك بإدراك ركعة، أي ركعة كاملة بتكبيرتها وركوعها وسجدتيها وقيامها. وهذا هو الراجح.
فإن قيل: فما الجواب عما استدل به الحنابلة؟
فالجواب: أن السجدة هي الركعة، لذا قال بعض الرواة كما في مسلم: (وإنما السجدة الركعة) فيكون هذا من باب المجاز في إطلاق الجزء واردة الكل، كقوله تعالى: {وقرآن الفجر} (?) أي صلاة الفجر، فيكون هذا من باب ذكر الجزء تنبيها إلى البقية.
بدليل: أن الإدراك لا يمكن أبداً أن يكون على هذه الهيئة لذا الحنابلة لا يقولون بظاهر الحديث، وإلا فظاهره أنه إذا كبر وركع وسجد فيكون قد أدرك السجدة فحينئذ يكون قد أدرك الصلاة، وهم يقولون بمجرد ما يدرك تكبيرة الإحرام، مع أنه ليس مدركاً للسجدة.
وكون الشارع يعلقها بالسجدة ليس له معنى إلا أن يكون المراد ما تقدم وهو أن المراد بالسجدة الركعة إذ تعليق ذلك بالسجود لا معنى له.
ثم إن الحديث يفسر بعضه بعضاً، فحديث أبي هريرة مفسر لحديث عائشة.