والذي استدل به أهل القول الأول من صحة الأذان: قالوا: إن الأذان الملحن يحصل به المقصود من إبلاغ السامعين الأذان الشرعي بألفاظه الصحيحة مستقيمة الألفاظ ليس فيها تغيير، إلا أن التغيير قد طرأ على أدائه أما الألفاظ فإنها هي الألفاظ الواردة، فعلى ذلك يكون مخطئاً مبتدعاً في فعله ذلك، وأما الأذان فإنه صحيح - وما ذكره أهل المذهب قول قوي – والعلم عند الله تعالى.
قال: (أو ملحوناً)
الملحون: الذي فيه خلل في اللغة العربية برفع ما يكون حقه النصب، أو نصب ما يكون حقه الجزم أو نحو ذلك ويصح أذان الملحون ما لم يحل المعاني، أما إذا أحال المعاني فإنه يبطل.
مثال غير المحيل للمعاني: إذا قال: " أشهدَِ" فهذا ليس مما يحيل المعنى فهو أذان صحيح لكنه مكروه كما نص عليه أهل المذهب.
وأما مثال ما يحيل المعاني: كقوله: " أشهد أن محمداً رسولَ الله " فهذا الأذان باطل على المذهب؛ لأنه يحيل المعنى ويبطله فإن المعنى هنا فاقد الخبر.
مثال آخر: " آلله أكبر " فهذا استفهام، كأنه يستفهم هل الله أكبر أم لا؟ فالأذان باطل.
أو قال: " الله أكبار " والأكبار هو الطبل وهذا مشهور عندنا فهذه كلها تُبطل الأذان؛ لأنها تحيل اللفظ عن معناه فتصرفه عن معناه المراد إلى معنى آخر وهذا كالقراءة أي قراءة الفاتحة.
قال: (ويجزئ من مميز)
اتفق أهل العلم على أن أذان الكافر والمجنون وغير المميز لا يصح؛ لأنهم لا نية لهم، وفي الحديث: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) (?) .
والأذان عبادة يشترط فيها النية، وهؤلاء لا نية لهم فلم تصح عبادتهم.
وأما الكافر فلقوله تعالى: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله} (?) .