والقول الراجح: هو ما ذهب إليه الحنابلة وجمهور السلف إلا أنه يقيد بما ذكره شيخ الإسلام، وأن من تركها تارة وتارة فإنه لا يكفر بذلك للحديث الآخر الذي تقدم الاستدلال به للقائلين بعدم كفر تارك الصلاة.
فإن من لم يحافظ على الصلوات محافظة تامة بحيث يحافظ عليهن خمساً فهو يصلي تارة وتارة فهو داخل تحت الوعيد إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له، والعلم عند الله تعالى.
قال: (وكذا تاركها تهاوناً ودعاه إمام أو نائبه فأصر وضاق وقت الثانية عنها)
إذن: ذكر شرطين في تكفيره:
الشرط الأول: أن يدعوه الإمام أو نائبه.
الشرط الثاني: أن يضيق وقت الثانية عنها.
أما الشرط الأول فقالوا: لا يكفر إلا إذا دعاه الإمام أو نائبه لأنه قد يظن أن له عذراً بترك الصلاة وليس ذلك بعذر فلا يكفر حتى يدعوه الإمام أو نائبه، وإنما خص ذلك بالإمام أو نائبه لأن الأحكام الشرعية أو الحدود إنما مرجعها إلى الأئمة ونوابهم دون غيرهم من آحاد الناس.
ولكن هذا القول ضعيف، لذا قال ابن رجب في تتمة كلامه المتقدم قال: " وظاهر كلام أحمد وغيره من الأئمة الذين يرون كفر تارك الصلاة أنه يكفر بخروج وقتها ولم يعتبروا دعاءه ولا الاستتابة " وهذا هو الواضح والحق.
فإن هذا ما دام أنه قد فعل ما دلت الأدلة الشرعية على تكفيره به، فإن اشتراط دعاء الإمام أو نائبه في تكفيره لا دليل عليه بل يكفر متى ترك الصلاة وإن لم يدعه إمام ولا نائبه.
أما قضية القتل فسيأتي الكلام عليها.
وكذلك الشرط الثاني: وهو قولهم " وضاق وقت الثانية عنها " يعني مثلاً: ترك صلاة الظهر حتى خرج وقتها، لا يكفر بذلك حتى يضيق وقت الثانية، فإذا ضاق وقت العصر فما بقي لوقت المغرب إلا ما يكون ضيقاً على العصر فإنه – حينئذ – يكفر بذلك.
قالوا: لأنا لا نجزم بأنه عازم على ترك الصلاة إلا بهذا.