أما إن لم يكن الصبي مميزاً فإن الصلاة لا تصح منه لما تقدم، فإن الصلاة لا تصح إلا بنية، وغير المميز لا نية له.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد حدد بسبع سنين، أي بعد تمامها والشروع بالثامنة؛ لأن الغالب أن التمييز يكون في ذلك وإلا فإن مناط الحكم هو التمييز، فإن التمييز هو ثبوت العقل في الطفل بحيث يفهم الخطاب ويرد الجواب، فمتى كان ذلك فإنه مميز، وقد يميز وهو ابن خمس سنين أو ست سنين أو سبع سنين، فتصح منه الصلاة.
* ولكن هل يجب على الولي أن يأمره بالصلاة وهو ابن ست سنين وقد ميز؟
ظاهر المذهب: أن ذلك لا يجب وأنه معلق ببلوغ سبع سنين.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه متى ميَّز فإنه يجب عليه أن يأمره بالصلاة، وهذا قوي ظاهر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما علق ذلك بالسبع لكون هذا هو الغالب وإلا فقد يميز قبل ذلك فيجب أمره بذلك، وغاية ذلك إنما هو التعليم له وترغيبه بالصلاة وترهيبه من تركها، بخلاف ما إذا بلغ عشر سنين فإنه يضرب ضرب تأديب على ترك الصلاة.
قال: (فإن بلغ في أثنائها أو بعدها في وقتها أعاد)
أمر الصبي بالصلاة فصلى وأثناء الصلاة بلغ، وهذا فيه إشكال، فكيف يكون البلوغ أثناء الصلاة، لكن لا بأس بذلك فقد يكون مثل ذلك.
إذن: يجب عليه إذا بلغ في أثنائها أن يعيدها، وكذلك إذا بلغ بعدها في وقتها أن يعيدها.
قالوا: الدليل على ذلك: أنها فريضة عليه وهو إنما صلى على هيئة التطوع والتنفل فلا يجزئ التنفل عن الفرض فصلاته إنما هي نفل وتطوع، وما يجب عليه إنما هو فرض وإلزام ووجوب، وهو إنما قام به على وجه التطوع والتنفل، فالواجب عليه أن يعيده على وجه الافتراض والوجوب.
- وذهب الشافعية وهو مذهب بعض أصحاب الإمام أحمد واختار ذلك ابن تيمية: إلى أن ذلك ليس بواجب، فلا يجب عليه أن يعيد الصلاة ولا يؤمر بذلك.