لما روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح عن أم عطية قالت: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً) (?) وأصله في البخاري (?) : بدون قوله: (بعد الطهر) .
والصفرة هي: كالصديد يعلوه صفرة.
وأما الكدرة فهي شبيهة بالماء العكر الوسخ.
فالصفرة والكدرة إن كانتا في أثناء الحيض أو أثناء مدة الحيض فإنهما من الحيض.
وأما إن كانتا بعد الطهر من الحيض فإنهما ليسا بشيء.
فالصفرة والكدرة إذا استقلتا عن الحيض فلا حكم لهما؛ لأنهما ليسا بدم، بل يثبتان تبعاً، وأما إذا كانتا أثناء الحيض فإنهما يكونان بحكمه.
قال: (ومن رأت يوماً دماً ويوماً نقاءً فالدم حيض والنقاء طهر ما لم يعبر لأكثره) .
وقوله: " يوماً " ليس للتحديد وإنما للتمثيل، وإلا فقد يكون أقل من يوم أو أكثر منه وإلا فالضابط فيه أن يكون هذا الوقت يتسع لعبادة من العبادات الشرعية.
فمثلاً: امرأة عادتها سبعة أيام فأصبحت ترى يوماً دماً ويوماً نقاء، فالدم حيض، والنقاء طهر.
ففي هذا المثال: الدم في أثناء هذه المدة يخرج منها إلا أنه يتوقف عنها في بعض الأيام بحيث يمكنها في وقت الانقطاع أن تعبد الله بعبادة من العبادات الواجبة، فيمكنها أن تغتسل وتصلي.
فمثلاً: انقطع عنها الدم فنأمرها بالاغتسال ثم الصلاة، ومثلاً: طهرت قبل الفجر فإنها تنوي وتصوم ذلك اليوم وإن عاد إليها الدم بعد غروب الشمس.
إذن: النقاء المتخلل لعادتها طهر، فيجب عليها أن تغتسل فيه وأن تصلي – هذا هو المذهب –.