وإلا فإنه ليس بتمييز صالح أن يحكم به عليه بأنه دم حيض، وهذا كله على تقرير المذهب، وإلا فالراجح خلاف ذلك.
وعلى الراجح: فإنها تمكث مدة خروج الدم الذي ميزته ورأت أنه دم حيض سواء كان أقل من يوم وليلة أو أكثر من 15 يوم.
ودليل التمييز: حديث فاطمة بنت أبي حبيش – الذي رواه أحمد وأبو داود والنسائي وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يُعرف فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما ذلك عرق) (?) فهذا الحديث يدل على الإرجاع إلى التمييز، ومحل هذا حيث كانت ناسية.
وقد ذكر الإمام أحمد: أنها – أي فاطمة – كانت كبيرة فيحتمل عليها النسيان، وعلى أنها كانت لها عادة فنسيتها جميعاً بين الأحاديث.
قال: (فإن لم يكن لها تمييز فغالب الحيض)
يعني: امرأة مستحاضة كانت لها عادة سابقة فنسيتها ولا يمكنها أن تميز، فإنها تجلس غالب الحيض وهو 6 أو 7 أيام، كما تقدم في حديث حمنة بنت جحش وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: (تحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله – إلى أن قال – كما تحيض النساء ويطهرن في ميقات حيضهن وطهرهن) (?) فهذا الحديث يدل على أن غالب مدة الحيض ستة أيام أو سبعة، وهذه المرأة ليس لها عادة يمكن أن ترجع إليها، وليس لها تمييز.
فحينئذ: ترجع إلى غالب عادة النساء وقد تقدم أن هذا التخيير ليس على التشهي وإنما على الاجتهاد، فتجتهد وتبني حكمها بالنظر إلى نسائها وقريباتها، فالمقصود أنها تتحرى وتجتهد وتقرر ستة أيام أو سبعة.
قال: (كالعالمة بموضعه الناسية لعدده)
كذلك من كانت عالمة بموضعه ناسية لعدده، أي تعلم أن حيضها في أول الشهر لكنها لا تعلم عدده، فهي نسيت العادة لكن ليس نسياناً مجملاً وإنما تذكر موضعه لكن نسيت عدده.