فالراجح: أنه لا حد لأقل سن الحيض ولا لأكثره، بل متى ما رأت الحيض فهي حائض سواء كان ذلك قبل تمام التسع أو كان بعد تمام الخمسين؛ ذلك لأن هذا الدم دم حيض وهو أذى وقد توفرت فيه صفات الحيض الطبيعي فهو دم قد خرج من رحم المرأة وتوفرت فيه صفات دم الحيض فحينئذ يعطى حكم الحيض، لعدم الدليل الدال على أنه ليس بحيض.
والأصل أنه ما دام قد خرج من رحم المرأة بصفاته المعتبرة فإنه – حينئذ – دم حيض وكوننا لا نطلق عليه دم حيض ولا نعطيه حكمه هذا يحتاج إلى دليل يدل على ذلك إذ الأصل أنه دم حيض ولا دليل يدل على [خلاف] ذلك.
والواقع كون هذا يبلغه شيء وهذا لا يبلغه لا يعني أن يحتج من لم يبلغه هذا الشيء على من بلغه فإن القضية قضية وقوع وكونه لم يبلغ وقوعه من قال بهذه المسألة لا يعني أن الأمر ليس واقعاً حقيقة.
إذن: الراجح ما ذهب إليه شيخ الإسلام في المسألة الأولى وكذلك في المسألة الثانية، وهو مذهب المالكية والشافعية وأنه لا أقل لسن الحيض - كما أنه لا أكثر له، بل متى رأت الدم الذي توفر فيه شروط دم الحيض فإنه يجب عليها التكاليف الشرعية وحينئذ: يترتب على هذا الدم الخارج فيها أحكام الحيض تماماً.
قال: (ولا مع حمل)
فالحيض مع الحمل ليس بمعتبر.
فلو أن امرأة رأت الدم وهي حامل فإن هذا الدم لا حكم له، وحينئذ يكون دم فساد، وحينئذ تكون طاهرة وتتوضأ وتصلي لأنه خارج من السبيل، فحينئذ يكون لها حكم المستحاضة، أن تحفظ هذا الدم وتتوضأ وتصلي.
إذن: المذهب أن الحامل لا تحيض فإذا خرج منها دم وإن كان كدم الحيض تماماً فليس له حكم الحيض وإنما كحكم دم المستحاضة فحينئذ تتوضأ وتصلي ولا يترتب على هذا الدم شيء من أحكام الحيض مطلقاً وهو مذهب الأحناف.