ويقاس عليه الآدمي الكافر فإن حكم الطهارة والنجاسة فيهما واحد، وهي الطهارة الحسية وإنما الفارق بينهما في الطهارة أو النجاسة المعنوية، فالمؤمن طاهر حساً ومعنى، وأما الكافر فإنه طاهر حساً ونجس معنى، قال تعالى {إنما المشركون نجس} (?) أي في شركهم بالله تعالى بدليل جواز نكاح الكتابيات وحل ذبائحهم ولو كان الكفار أنجاساً حساً لما جاز ذلك ولأمر الناس أن يغسلوا أيديهم بمسهم فدل ذلك على أنهم طاهرون، وهذا مذهب جمهور أهل العلم.
فالآدمي مطلقاً سواء كان كافراً أو مسلماً فهو طاهر وأما الكافر فنجاسته معنوية، فعلى ذلك لا تغسل الأيدي ولا الثياب التي لبسوها ومست أبدانهم ووقع عليها شيء من عرقهم فإن كل ذلك لا يؤثر لأنهم طاهرون حساً.
وعرق الآدمي وريقه ومخاطه كل ذلك طاهر باتفاق العلماء.
ودليل ذلك: ما تقدم من حديث النخامة وغيرها مثلها أو هو أولى منها بهذا الحكم.
قال: (ومالا نفس له سائلة متولد من طاهر)
" ومالا نفس ": أي ما لا دم له، فالنفس هنا هي الدم، وهذا معروف في لغة العرب؛ وذلك لأن قوام النفس بالدم فسمي نفساً.
" سائلة ": أي ليس له دم يسيل إذا حدث قتل أو جرح فإنه لا يسيل دمه كالجراد والذباب والبعوض وغير ذلك مما لا دم له سائل.
" متولد من طاهر ": هذا قيدٌ، فلا بد أن يتولد من طاهر، فإن تولد من نجس كما يكون من الحشرات في الحشوش ونحوها فهذا لا يدخل في هذا الحكم، لكن هذا مبني على عدم الطهارة بالاستحالة وهذا كما تقدم ضعيف.
فالراجح: الطهارة بالاستحالة، إذن: هذا الاستثناء ليس بوجيه.
فعلى ذلك: كل ما لا نفس له سائلة سواء تولد من شيء طاهر أو من شيء نجس فإنه طاهر ولا ينجس الماء ونحو ذلك، فإذا وقع شيء مما تقدم ذكره حياً كان أو ميتاً – في ماء ونحوه - فإنه لا ينجس هذا الماء ولو تغير به.
فإذن: كل ما لا نفس له سائلة فإنه طاهر حياً وميتاً.