قوله: (في نجاسة كلب وخنزير)

…أما الكلب فقد تقدم الحديث الدال عليه، وأما الخنزير فقالوا: هذا من باب القياس، لكن هذا القياس ضعيف؛ ذلك لأن العلة من أمر الشارع بهذا الحكم في نجاسة الكلاب تعبدي لا تظهر لنا علته، والقياس واقع إذا كانت علة الأصل معقولة كما هو مقرر في علم الأصول، فلابد أن يكون الأصل معقول المعنى، وهذا الأصل ليس بمعقول المعنى – هذا إذا قررنا ما يقرره الفقهاء المتقدمون وأن العلة تعبدية.

وأما إذا قررنا ما يقرره المتأخرين وأن العلة في ذلك وجود دودة شريطية في الكلب لا يزيلها إلا التراب فإن هذا الحكم لا يمكن أن يثبت في الخنزير إلا إذا ثبت وجود هذه الدودة الشريطية، فما دام أنه لم يذكر ثبوته فحينئذ لا يمكن القياس.

فالراجح: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الخنزير لا يلحق بالكلب في هذا الحكم وإنما نجاسته كنجاسة غيره من النجاسات.

قوله: (ويجزئ عن التراب أشنان ونحوه)

كصابون ونحوه.

قالوا: لأن هذه في معنى التراب، فعلى ذلك تقاس على التراب فتعطى حكمه، فيقاس النظير على نظيره.

لكن في هذا القياس نظر أيضاً؛ ذلك لأن الشارع قد خصص التراب والعلة تعبدية، فما دامت العلة تعبدية فالقياس غير صحيح.

وإذا قلنا ما ذكره المتأخرون مما نقلوه من الاكتشافات العلمية من وجود مادة في التراب تزيل هذه الدودة الشريطية لا يزيلها سواه، فإن إلحاق غير التراب به واضح البطلان وأن الحكم مخصوص به.

إذن: الراجح أنه لا يجزئ سوى التراب وهذا أصح الوجهين في مذهب الإمام أحمد.

…إذن: في هذه المسألة في المذهب وجهان:

الوجه الأول: – وهو المشهور – أنه يجزئ ما سوى التراب من المنظفات.

الوجه الثاني: أنه لا يجزئ إلا التراب، وهذا هو الراجح؛ لأن القياس يشترط أن يكون فيه معقول المعنى، فإن لم يكن معقول المعنى فإن القياس يكون باطلاً.

قال: (وفي نجاسة غيرهما سبع بلا تراب)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015