واستدلوا على ذلك: بقوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} (?) قال: فلو كان ذلك نجساً لأمر الشارع بغسله.
* واعلم أن أهل العلم في غسل أثر الكلب المعلم في الصيد على قولين:
أظهرهما كما ذكر ذلك شيخ الإسلام وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وهو مذهب مالك أنه لا يجب ذلك؛ لأن الشارع لم يأمر به وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فإذا ثبت هذا فإن هذا يدل على أن ريقه ليس بنجس، فدل على أن الكلب ليس بنجس.
ولكن هذا الاستدلال فيه نظر، فإن الشارع من قواعده رفع الحرج فيما تلحق الأمة به المشقة، ومن المشقة أن يؤمر صاحب الصيد بغسل ما أصابه الكلب، فلما كان الأمر كذلك لم يأمر الشارع بغسله وكان من النجاسات المعفو عنها، كما أن الدم الذي يكون بين اللحم معفو عنه، بخلاف الدم المسفوح فإن الشارع قد نهى أن يطعم – كل ذلك – لرفع الحرج عن الأمة.
وما دام أن الإمام مالك استدل بهذا الدليل على الكلب فكذلك عنده الخنزير.
والأظهر ما ذهب إليه الجمهور من نجاسة الكلب وقياس الخنزير عليه، والعلم عند الله تعالى
…
قال: (سبع أحدها بالتراب في نجاسة كلب وخنزير)
الحديث إنما فيه ذكر الولوغ وهو أن يدخل الكلب لسانه بالإناء ويحركه، فيدخل من ريقه في هذا الإناء، فأمر الشارع بغسله تطهيراً له، وهذا فيه إثبات نجاسة ريقه – ومثله غيره من بول وروث وغير ذلك فإنها في الحكم سواء – فما دام ريقه نجس فبوله وروثه من باب أولى.
لذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أن نجاسة الكلب وهي ما تخرج منه وما يتولد منه كل ذلك نجس من ريق أو بول أو نحو ذلك.
وذهب شيخ الإسلام: إلى أن الرطوبة (العرق) التي تكون على شعر الكلب أنها معفو عنها، وأن شعر الكلب طاهر.
وقد تقدم ترجيح هذا المذهب في الحكم على شعر الميتة وحكم الكلب كذلك هنا.