وأعلى من ذلك أن تكون هي المتيقنة.

فهذه الصور، قالوا: المستحب له أن يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت.

قالوا: لأن الصلاة بالطهارة الأصلية فريضة، والصلاة في أول الوقت فضيلة، فيترجح الشق الأول وهو كونه يصلي في آخر الوقت بفريضة الطهارة الأصلية.

وحقيقة هذا التعليل مقتضاه وجوب ذلك؛ لأن ترجيح الفريضة على الفضيلة واجب ومفترض.

لذا ذهب الإمام أحمد في رواية عنه: أنه متى كان يرجو الماء فيجب عليه أن يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت.

وذهب الشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام: إلى أنه يصلي عند دخول الوقت استحباباً مطلقاً إلا إذا تيقن وجود الماء، فإذا تيقن وجود الماء، فإنه ينتظر آخر الوقت.

فإذا كان يرجو وجود الماء فحسب أو استوى عنده الأمران أو يغلب على ظنه عدم وجود الماء أو يئس من وجود الماء فإنه في هذه الصورة الخمس كلها يصلي في أول الوقت.

إلا الصورة السادسة وهي ما إذا تيقن وجود الماء كمن أدركته الفريضة وهو قريب من المدينة وتيقن أنه سيصل قبل أن يخرج الوقت.

وهذه صورة التيقن؛ لأن اليقين في الحقيقة ممتنع؛ لأنه قد يحدث له ما قد يقدره الله عز وجل من الأمور التي تعوقه ولكن المقصود من ذلك مع بقاء الأمور على السلامة، وأما احتمال أن يحدث شيء فهذا أمر موجود.

لا شك أن مذهب الشافعية واختيار شيخ الإسلام أصح من مذهب الحنابلة.

ولكن الأظهر أنه يصلي مطلقاً في أول الوقت، وهذا مذهب ابن عمر فقد ثبت عنه عند ابن المنذر: " أنه تيمم قبل المدينة بميل أو ميلين ثم دخل والشمس مرتفعة فلم يعد " (1) .

" والشمس مرتفعة ": أي في وقت العصر والشمس مازالت مرتفعة، وهذا في أوائل وقت صلاة العصر، ومعلوم أن من بعد ميل أو ميلين عن المدينة فإنه يتيقن أنه سيصل إلى المدينة قبل خروج الوقت، ومع ذلك فإن ابن عمر قد صلى الصلاة في أول وقتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015