وهم -أي الجمهور – لا يقولون بهذا الأثر على عمومه، فإن هذا الأثر يدل على أن كل قريب ترد شهادته على قريبه.

-حيث استدل به على طريقتهم – وليس فيه تخصيص الولد والوالد بل هو عام في الولد والوالد وسائر الأقارب.

فأظهر هذه الأقوال: عدم قبول الشهادة عند التهمة والقبول عند انتفائها.

وعلى ذلك فينظر الحاكم في كل قضيه بعينها، فإذا ظهرت له التهمة، فإنه لا يقبل، وإن لم تظهر له التهمة فإنه يقبل.

فإذا كان الشاهد ممن هو مبّرز في العدالة يبعد في العادة أن يشهد لولده شهادة زور أو أن يشهد لوالده شهادة زور، فالتهمة منفية عنه فتقبل شهادتة.

إما إذا كان ليس مبّرزاً في العدالة، فله عدالة ظاهر – لكن العدالة الباطنة غير معلومة منه / فيقوى حينئذ الرد في التهمة.

-وقد اتفق أهل العلم على قبول شهادة الأخ لأخيه، وشهادة الأخ لعمه وشهادة الرجل لابن عمه وسائر الأقارب فهم إنما خصّوا المنع بمن بينهم قرابة إيلاد وأما من بينهم قرابة أخرى فإنها لا تقضي المنع عند جمهور العلماء.

-وتقدم الكلام على أثر عمر وأنه لو استدل به على المنع لاقتضى المنع من قبول شهادة كل قريب، لكن المنع إنما هو للتهمة فحيث وجدت التهمة منعت الشهادة ولم تقبل.

وهكذا أيضاً شهادة الصديق لصديقه فهى مقبولة.

واستثنى الإمام مالك: شهادة الصديق لصديقه حيث كانت الصداقة مؤكدة " أي بالغة " وهو اختيار ابن عقيل.

وهذا الضابط الذي ذكروه – في الحقيقة – قد يكون أقوى في التهمة مما يكون بين الوالد وولده، فان الرجل قد يحابي صديقه أكثر مما يحابي ولده، بل قد يحابي صديقه أكثر مما يحابي ولده والده وهذا ظاهر حيث كانت الصداقة مؤكدة.

وعليه: فالصداقة المؤكدة تدخل في المسألة السابقة فإذا كانت التهمة موجودة لم تقبل هذه الشهادة.

وأما إذا لم تكن التهمة موجوده كأن يكون الشاهد مبرّزاً في العادلة فان شهادتة تقبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015