لكن هذا ضعيف بدليل قول النبى صلى الله عليه وسلم – في الرجل الذي قال: لا أزيد على هذا – أي على الفرائض - ولا أنقص منه فقال صلى الله عليه وسلم: " أفلح والله إن صدق "
فالصحيح من المذهب أن أداء السنن الراتبة لا يشترط في العدل.
قال: [واجتناب المحارم]
ويبين ذلك بقوله:
(بأن لا يأتي كبيرة ولا يدمن على صغيرة)
لأن إصراره على الصغيرة يدل على استهانته بما حرم الله عز وجل.
وهذا يجعله مظنة الكذب ولا يوثق بقوله.
والكبيرة – كما عرفها شيخ الاسلام – ما ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الاخرة أو ترتب عليه لعْن أو غضب أو نفْي إيمان.
قال: [فلا تقبل شهادة الفاسق]
فشهادة الفاسق لا تقبل لأنه ليس بعدل.
سواء كان فاسقاً في عمله أو فاسقاً في اعتقاده.
فالفاسق في عمله: كمن يزني أو يشرب الخمر فلا تقبل شهادته.
والفاسق في اعتقاده: هو من لم يكفر من أهل البدع، فإنه فاسق باعتقاده فلا تقبل شهاده أهل الأهواء (1) في المشهور في المذهب.
(2) وذهب الشافعي وهو مذهب أبي حنيفة واختيار ابن القيم: إلى قبول شهادة المتحفظين من أهل الهواء.
وهذا ظاهر، لأنهم قد اعتقدوا ما اعتقدوه من البدع على اعتقاد أن هذا هو دين الله عز وجل، فهو كمن فعل أمراً محرماً يعتقد إباحته فإن هذا لا ينقض عدالته،فشارب النبيذ ممن يعتقد إباحته لا يفسق ولا تنتقض بذلك عدالته، فلذلك من له اعتقاد يخالف اعتقاد أهل السنة والجماعة فإن شهادته لا ترد لأنه متحفظ في دينه، يعتقد أن هذا هو دين الله ويتعبد لله عز وجل بهذه البدعة. فتقبل شهادتة.
نعم: قد ترد شهادته زجراً له حيث لم نضطر إلى قبولها وأما إذا كنا نحتاج إلى شهادته فالصحيح قبولها، فإذا كانت الحقوق تثبت بشيء فالصحيح هو قبولها وذلك لأنه ما دام أنه يعتقد أن هذا هو الحق وأن هذا هو دين الله – فالتهمة بعيدة عنه والغالب صدقه فهو معروف بالصدق والأمانة